صديقتي المُلحِدة

 



 " صديقتي المُلحِدة  "

للكاتب : محمد فيوري 

اللغة : فصحي 

تصنيف : أدب

"  قصة حقيقية للكاتب "

" الجانب النفسي الإنساني وليس الديني " 

السن : + 18  

الأجزاء : 1 فقط 

تاريخ النشر 28 - 6 - 2020

 


" نحن نهتم أن تتخيل ما تقرأ "




كندا - يناير 2010

 

قالت لي .. لا يوجد شيء اسمه الله أو إله ولا يوجد خالق لهذا الكون ..

قلت لها وأنا أنظر إليها .. لا إله إلا الله سيدنا نبينا محمد رسول الله ..

قالت لي بتعجب ! .. ماذا نطقت وقلت ؟ .. 


ومن هنا بدأ الحوار وبدأت الحكاية مُنذ 11 عام . كانت المرة الأولي لي أن أتقابل وجهاً لوجه

مع أحد مُلحِد كافر بجميع الأديان وكافر بوجود خالق للكون ، فحسن التصرف مني وهدوئي في

تلك اللحظة مطلوب لكي لا أصبح أضحوكة لصديقتي الجديدة ولمن حولها من أصدقائها لأنني

لا أعلم كم منهم مؤمن وكم منهم مثلها .. مُلحِد ..

 

جمعتنا الصداقة في كورس الطيران والقسم الخاص بميكانيكا الطيران ، فهو كورس ضمن

العديد من الكورسات التي درستها وتعلمتها  فترة ما في حياتي ، لشغفي الشديد في تعلُم

كل شيء أهواه وأريد التعرف عليه أكثر وعن قرب بقدر المُستطاع  بجانب عملي الأساسي

بأحد معاهد التمثيل بكندا .

 

" سارافينا "  هي شابة ذكية هادئة تمتلك ملكة الحوار وتحترم الحوار وتستمع بإهتمام وتمعن

لمن تتحدث معه .. لا تفرض رأيها علي أحد . إنها توضح فقط وجهة نظرها المنطقية من منظورها

لما تؤمن به بداخلها و تعتقد .. أنا مُلحِدة وحُرة .. وأنت مؤمن وحُر ... بدأت حديثها معي بحُرية

الإختيار وكرهها للقيود والرقابة .. وقالت لي مُتسائلة ..

 

 المُلحِد لا يقول لك أترك ربك أو إلهك الذي تؤمن به وكُن مُلحِد

إنما المؤمن دائماً يقول لي لابد من أن تكوني مؤمنة ! .. لماذا ؟..

 

من هنا أدركت أنا إنها لا تريد أن يُدار الحوار بيني وبينها بالغالب والمغلوب أو بفرض رأي

أحد علي أحد ، إنه مجرد حوار وكلٍ منا سيذهب لحاله .. فأنا ايضاً من داخلي حينها لا أريد

أن أفرض رأيي عليها أو أنطق بتلك الكلمات التي يرددها البعض في تلك المواقف .. فأنا أعلم

جيداً إنني لستُ داعية إسلامي ، انا شاب كأي شاب مُسلم موحد بالله ورسوله أتقرب من الله

فترة وأبتعد فترة أخري ، لستُ أنا الشخص المؤهل الذي درس الفقه و تعمق في أمور الدين

" رحم الله امرئ عرف قدر نفسه "  لكنني أعلم جيداً أن العديد غيري يتمنوا أن يكونوا مكاني

سواء مُسلم أو مسيحي أو يهودي ..

 

هدف الحوار بيني وبينها  في عقلي حينها ، أنني أريد التعرف فقط وعن قرب كيف يُفكر المُلحِد

لا أكثر ولا أقل وأن الصدفة هي التي جمعتنا لكي ترضي شغف كلٍ منا و لكي نتعلم ونفهم بعضنا

البعض .. لكن فالوقت نفسه بداخلي بركان ثائر لا يهدأ لا أعلم ماهيته و لا أعرف كيف أوصف

شعوره وإحساسه لا بالأحرف ولا بالكلمات ، إنه شعور رباني غريب وعجيب هدفه أن يصيبُ نيتي

 وضميري لكي أنطق وأتحاور معها بإسلوب فلسفي واقعي و بلسان فصيح غير معقود ، وكأن الله

وضع  في عقلي كمية مهولة من المعلومات وحسن التصرف في إختيار المواضيع والنطق بالكلمات .

 

كانت تشعر سارافينا بسعادة شديدة والإهتمام بالحوار معي ، لأنها المرة الأولي لها ايضاً أن تلتقي

 هي الأخرى وجهاً لوجه مع مُسلم يؤمن بالله ورُسله ويمؤمن بسيدنا نبينا محمد رسول الله عليه

أفضل الصلاة والسلام .. سارافينا هي التي ذادتني إيماناً وتقرباً وحُباً في الله ورسوله دون أن هي

تشعر .. وأنا الذي جعلتها تترك الإلحاد وتؤمن بالله سُبحانه وتعالي خالق ألكون .. دون أن أشعر ..

 

***

 

نحن يا محمد من عدم وحين أن تنتهي حياتنا ونموت سينهشنا الدود وينهي علينا ونصبح عدم

بكل إختصار من عدم و إلي عدم ، والدين الذي تدعون والله الذي تعبدون ماهي إلا قصص

أخترعها الإنسان ونسجها في خياله بسبب خوفه الشديد من المجهول حين يموت ويصبح عدم

الأديان عبارة عن أحبال وسلاسل تربطون بها أنفسكم وتعذبونها أشد عذاب ، إن كانت تلك هي

 المرة الأولي لك أن تتحاور مع مُلحِدة مثلي فتأكد إنك سوف تسمع الكلام نفسه حين تتقابل

وتتحاور مع أي أحد غيري من المُلحِدين  ،  فأوليڨيا صديقنتا مُلحِدة  ، ووليم هو الأخر مُلحِد

و ديانا كانت مسيحيه وألحدت ، قالت أن الأديان أصبحت صيحة وموضة قديمة والعديد من الناس

في وقتنا الحاضر أصبحوا بالفعل لا يتمسكون ويتشبثون كثيراً بفكرة الأديان ، الأديان في ذوال

يا محمد لأنها كذبة أنتم تؤمنون بها لا يوجد شيء اسمه الله أو إله ولا يوجد خالق لهذا الكون .

 

لا إله إلا الله سيدنا نبينا محمد رسول الله ..

 

ماذا نطقت وقلت ؟ .. أنا أعلم أن المُسلمون يؤمنون بمحمد ويصلون لبناء مكون من

حجارة سوداء للأسف نسيت أسمه .. فكيف لك أن تصلي لحجارة أين عقلك من كل تلك

السخافات وكيف لك أن تؤمن بشئ اسمه الله ولن تراه ، أنا دائماً أتعجب ولا أستوعب

عقلية المُسلمين ، هل أنتم تصلون إلي الحجارة أم تصلون إلي الله الذي لم تراه بعينك ! ..

 

أسئلة متزاحمة في رأسي كيف يفكرون المُسلمون أو المسيحيون أو الياهود ويؤمنون بخالق

لهذا الكون أين عقولكم . فأنا أمتلك الحُرية فكل شيء ، كل شيء . والنار والجنة نحن من

نجعلها لأنفسنا ونحن أحياء ونتنفس ،  فبيدي مثلاً أن أكون سعيدة أو حزينة وبيدي أن

أكره وأحب وبيدي أن أكون مُستبدة وبيدي أن أختار ألوان حياتي بنفسي لكي أجعلها جنة

أو أجعلها نار ، النار والجنة هي في حياتنا فقط  وليست في الأخرة كما تظنون أو كما

يخبركُم إلهكُم خالق الكون . أنا حُرة يا محمد حُرة بلا قيود وأعيش سعادة مُطلقة  وأفعل

ما يحلو لي ، وجنتي في حياتي هي إنني أكره العنف والقتل والشر وأعطف علي الفقراء والحيوان

واساند من يمر بظروف صعبة واقف بجانبه وأساعده ، أنا لستُ شيطانة كما تظنون يا أصحاب

الأديان لأنني لا أؤمن بالله مثلكُم .. لكن ..

 

بإختصار لكي أسهل عليك الأمر ، الخير أنا والشر أنا والملاك أنا والشيطان أنا والجنة أنا والنار أنا

فقط وأنا عايشه علي الأرض  ، وعندما أموت وأرحل وأنتهي لن يبقي مني سوي ذكري في عقول

من تعرف علي سارافينا التي أتت من العدم وستذهب إلي العدم  ، بلا أهل بلا أصدقاء بلا أحباب

فأنا كما قلت لك حُرة وأعيش حُرية مُطلقة بلا قيود بلا إله بلا أهل يقيدون حياتي بأحبال و سلاسل .   

 

سارافينا .. أنا أركِ تتحدثين كثيراً عن الحُرية والقيود والسلاسل والرقابة وكأنكِ تتعمدين

أثناء حوارك أن تلغي الرقابة نهائي من قاموس حياتك سواء كانت الرقابة من الله أو من الأهل

 أو أياً كان !. .. لكن .. أسمحي لي أن أعطيكي مثال بسيط .

 

فالنقل مثلاً .. أنكِ فالمطبخ الأن تقومين بتحضير وجبة الغداء علي النار .

بالتأكيد سوف تراقبين ما تقومين به وتلقي نظرة من حين إلي أخر لكي تتأكدي أن الطعام

نضج واستوي ، وبدون مراقبتك سيحترق الطعام ومن المُمكن يحترق معه المطبخ والبيت بأكمله

وتصيبكِ النار انتي الأخرى بالأذي لا قدر الله .. كلامي صحيح أم ماذا ..

 

هاهاها . لا أريدك أن تلعب معي لعبة الأمثال والتشبيهات علي مواضيع أنا مؤمنة بها من أجل أن

تقنعني بوجهة نظرك .. طبعاً كلامك صحيح مائة بالمائة ، ولكن أنا أريد حقائق مؤكدة ومحسوسة

 وملموسة فقط ..

 

ماذا تقصدين بحقائق مؤكدة ومحسوسة وملموسة !..

 

سأشرح لك محمد .. بمعني إنك لو صفعتني قلماً علي وجهي الأن سأحس بملمس يدك

وسأشعر بالألم فوراً ، هذه هي فكرة المحسوسة والملموسة بالنسبة لي وحقائقها مؤكدة في لحظتها ..

 

ممم . فهمت قصدكِ ..

 أفهم من كلامك أنكِ لا تؤمنين بالله لأنكِ لم ترين الله بعينكِ ولا تلمسيه بيدكِ .

 

تمام بالضبط . أريد أن أري بعيني حقائق وأشعر بها وأنا ألمسها بيدي لكي أؤمن بها .

 

أنا مثلك تماماً سارافينا ، صعب تصديق أي شيء بسهوله خصوصاً الكائنات الفضائية

قرأت عنها الكثير من الكتب والحكايات والروايات وكتبت عنها ايضاً  فهي عشقي ، لكنني

لستُ مقتنع تماماً بوجود تلك الكائنات أو المخلوقات حتي الأن ، لأنني لم أراها بعيني أو أمامي

وجهاً لوجه .. هل قرأتي كُتب سماوية أو تعلمتي أي دين من الأديان وانتي صغيره ؟..

 

نعم قرأت الكثير وتعلمت من أمي الكثير لكنني لا أقتنع بوجود خالق للكون يا محمد لم أقتنع  نهائي

كنتُ أشعر بثقل علي صدري وكاَبة وقتما تأخذني أمي من يدي بالغصب لكي أذهب معها إلي الكنيسة

كنتُ أشعر بقيود منها ومن أبي ومن إله كنيستهم أو أي إله و كلمة أديان وخالق للكون .. أنا وحدي

من ارسم سعادتي وجنتي في حياتي ، و ليس أبي وأمي وإلهي من يرسمون جنتي وناري وسعادتي

اوووه  نحن نلف وندور ونحكي في نف ..

 

لحظه من فضلك سارافينا عذراً .. أين أهلك ؟ ..

 

نعم .. أهلي !..  ما دخل أهلي بالنقاش و الحوار الدائر بيننا

أنا أعيش وحيده .. أقصد تركت أهلي مُنذ أن كان عمري 14 عام . من فضلك لا أريد التحدث

عن حياتنا الشخصية رجاء .

 

أنا سألتكِ لأنني أشعر و الله أعلم بأنكِ مررتي بتجارب عصيبة مُنذ طفولتكِ وهي التي كونت أفكاركِ

وجعلتكِ ترسمين جنتكِ بيدكِ في حياتكِ وتستمتعي بقدر الإمكان بالحُرية التي حُرمتي وعانيتي منها

 في طفولتكِ ، أنا لا أعلم عن ماضيكي شيء لكنني إستنتجته ، فبالنسبة لي أرجو أن تعذريني لأن كلامكِ

في عقلي مُشتت ناقص لم يكتمل ، أو بالمعني الأصح لكي تصبح الصوره بيني وبينكِ نقية دون شوائب

لابد من كلٍ منا أن يترك موضوع الأديان جانباً الأن ، ويحكي ولو بجزء بسيط عن ماضيه وحياته ..

هل توافقيني الرأي ؟ ..

 

اسأل يا محمد اسأل ..

 

بدون أن اسأل .  إختاري انتي أي فترة من حياتك حتي و إن كانت فترة سعيدة أو تعيسة  أي فترة ..

سأترك لكِ مُطلق الحُرية .

 

ومن هنا اختارت سارافينا أتعس فترة في حياتها وفتحت لي قلبها وبدأت تحكي وأنا أسمع لساعات

و أيام  و أسابيع  و شهور ..

 

***

 

" سارافينا .. صديقتي المُلحِدة "

" أهم المُقابلات "

 

تيم هورتونز . كافيه ..

 

القهوة السوداء دون أي إضافات هي حياتي كلها . خصوصاً مع أول سيجاره فالصباح

 وانتي .. لماذا طلبتي قهوتك سوداء !..

 فأنا أراكِ دائماً وانتي تتحدثي معي تقومي بوضع الكريمة البيضاء وملعقة وحدة من السُكر ..

 

 هاهاها .. أنت تراقبني جيداً وتمتلك سرعة البديهة  .. أبداً .. القهوة السوداء دون أي إضافات

هي حياتي كلها وخصوصاً مع أول سيجاره فالصباح ... القهوة ... السوداء ...

 

مش فاهم !! ..

 

أراك يا محمد تعشق اللون الأسود بجنون ..

سيارتك سوداء . نظارتك سوداء . هاتفك أسود . ملابسك سوداء . دفاترك سوداء . قلمك الذي تكتب

به علي الأراق أسود . قهوتك سوداء .. حتي قطتك التي شاهدتها علي هاتفك سوداء ..

هل أنت تعاني من الإكتئاب ؟..

 

و هل اللون الأسود في نظركِ عنوانه الإكتئاب ؟.. بالعكس أنا أكثر إنسان مُتفائل في الحياة

لكن .. اللون الأسود له معي فلسفة لا يفهما الكثيرون من الناس ، سأوضح لكِ وجهة نظري

فيما بعد ليس الأن سارافينا .. أكملي الحكاية .. ماذا فعل معكِ أندرو زوج أمكِ وانتي في سن

التاسعه .. هل وضع يده علي أماكن حساسة بجسدكِ . هل هذا ما فعله معكِ ؟..

 

تنهدت بعمق .. ثم قالت

نعم ...... نعم محمد .. فعل .. وأكره أن أتذكر أفعاله القذرة أو أحكيها لجنس مخلوق

تلك هي المرة الاَلف و أنت تأخذ الكلام من علي لساني دون أن أنطق بكلمة !! ..

 

هل أعجبتكِ القهوة السوداء .. غداً ستغيرين لون سيارتك ونظارتك وهاتفك وملابسك وقلمك

وشعرك الأشقر وتمتلكين قطة سوداء أيتها الشقراء سارافينا .. لأنني أري دائماً أنكِ تقومين

 بتقليدي مُنذ فترة ، قبل أن نصبح أصدقاء مقربين وتجلسي أمامي و نتحدث سوياً .

 

محمد . أنا أشعر أنك تسحبني شيئاً فشيئاً إلي عالمك الغامض لكي أري الحياة السعيدة و الجميلة

المليئة بالألوان من خلال اللون الأسود .. هل هذه هي فلسفة اللون الأسود ومعناها في نظرك

 أم .. أنا مُخطئة ؟..

 

لا .. لا  بالعكس لستِ مُخطئة .. انتي قريبة جداً و إلي حدٍ كبير من الحقيقة

كملي حكايتك من فضلك ..

 

اسمع محمد انا ... انا لا أريد أن أكمل الحكاية .. انا أشعر بخوف ورهبة شديدة منك الأن

 لا أدري  لا أدري .. أسمع .. انت .. انت .. انت واندرو زوج أمي واحد لا فرق بينكما

خبيث وقذر تريد أن تذهب معي إلي الفراش وأنت غبي و قذر قذر قذر .. إن كنت تريد

الذهاب معي إلي الفراش أنطق وقل لي أنا لا أمانع فجسدي بأكمله ملكك .. إسلوبك خبيث

وقذر كباقي الرجال ... انتظر لا تقف .. أنا لم أنهي كلامي انتظر  لو تركتني وذهبت ستندم

انتظر محمد انتظر .. أنا لم أكمل كلامي .. إذهب إلي الجحيم يا أحمق . إذهب إلي الجحيم .

 

***

سيارتي

 

وأنا في طريق عودتي إلي البيت  كان حوارها الأخير يدور ويتكرر بداخل رأسي مراتٍ عديدة

كنتُ أشعر إني مخنوق أريد البكاء أو الصراخ بشدة أو كسر لوحاً كبيراً من الزجاج لكي أهدأ

ضميري يؤنبني يُعذبني لأنني مُتسرع غبي .. نعم .. غبي مُتسرع جاهل لن اسامح نفسي أبداً

لأنني قمت بالضغط بكل ما أوتيت من قوة و عزم وسكب الزيت المغلي علي جرح غائرعميق

بداخلها .. المسكينة كانت تتخيل أن لديها القدرة أن تخفي ماضيها عني

وعينيها الحزينتين تفضحها كالكتاب المفتوح أمامي دون أن تنطق بالكلمات .

 

أتت رسالة منها علي هاتفي أثناء القيادة وعودتي إلي البيت ..

نظرت إلي الهاتف وقمت بقراءة الرسالة  .

 

" محمد .. اختي الأكبر سيلينا إنتحرت بسبب أندرو زوج أمي وهي في سن 17 من عمرها

مُنذ لحظة موتها أنا تركت البيت ... اقسم لك بإلهك هذا ما حدث .. سامحني أفتقدك " ..

 

حينها صمت .. ثم ضحكت بشدة .. وأنا اتأمل جُملة .. اقسم لك بإلهك .. اقسم لك بإلهك !.

 جُملة غريبة للمرة الأولي أسمعها من أحد واسرح في معناها ، تذكرت أن الموضوع بيني

وبينها هو موضوع أديان وخالق للكون بين المؤمن والمُلحِد ، فلماذا لم تقل لي سارافينا مثلاً

و يسوع كالمسيحيين . أو اقسم لك بالله كالمُسلمين ايضاً ، كانت وفرت عليا عناء كبير وحمل

ثقيل ، فأنا كما قلت فالسابق أنا لستُ داعية إسلامي والأن أضيف لتلك الجُملة أنا لستُ

طبيب نفساني ، كان سوألي حينها بيني وبين نفسي هل ديني يمنعني أن أتخلي عن الحديث

 والكلام معها نهائياً في مسألة الأديان واقف بجانبها فقط لأنني إنسان يشعر بإنسان ؟..

 

كانت إجابة سؤالي تأتي في رأسي دائماً بنعم .. فأنت تعيش في كندا والطبيب المسيحي يُعالج

المُسلم والياهودي ، والطبيب المُسلم يُعالج المسيحي واليهودي ، والطبيب الياهودي يُعالج المُسلم

والمسيحي . فتلك هي الحرية الوحيدة المجردة التي اتمتع بها أنا هنا في كندا .. غير ذلك أتحفظ ..

 

ماهو ذنبها !!.. هل هي تتعذب في حياتها لأنها غير مؤمنة بالله خالق الكون ... أم ..

عذابها هو ما جعلها لا تؤمن بالله خالق الكون !.. من جاء في حياتها قبل من ؟ ..

 الإلحاد والكفر أم العذاب من الظروف القاسية التي مرت بها ثم الإلحاد والكفر ؟..

 

أسئلة كثيرة بداخلي وحيرة وتأنيب ضمير علي المسكينة ، أوقفت سيارتي بجانب

الطريق ونزلت منها ، كان جسدي يهتز من البكاء ومن برودة الثلوج التي تتساقط

وتغطي كل مكان من حولي . بكيت لأنني تخيلت ، حينما أحكي تلك الحكاية لشخص

أخر رده السريع دون تفكير .. اترك تلك الكافرة المُلحِدة الملعونة تذهب إلي الجحيم

فهي وقود النار في الأخرة إن شاء الله ..

 

بكيت لأنني تذكرت تعبيرات ملامحها وجسدها المتوتر المرتعش وهي تهينني وتوبخني

مُنذ لحظات أمام الناس والجميع ، موقف صعب مؤثر يُترجم لي كل المعاناة والمأساة الدفينة

بداخلها مُنذ أعوام وأعوام وأعوام .. التي تكره هي أن تظهرها لأحدٍ مهما كان

فحزني وبكائي حينها والله لا علي نفسي مُطلقاً ... بل عليها هي .

 

" عزيزي القاريء .. أنا لا اُريدك أن تشعر بالتعاطف أبداً مع أي طرف من الأطراف

في تلك القصة أو المقالة أو الرواية ، لك مُطلق الحُرية أن تسميها ما تُسميها ، لكنني فقط اردت

أن أكتب عن ذكريات عشتها وعشقتُ أيامها التعيسة والسعيدة  وأتمني ليوما واحداً ... أن تعود "..

 

***

 

المُقابلة التاليه ..

غرفة مُحرك رولز رويس

 

كان يتحدث المُهندس معنا وهو يشرح لنا جزء من تصميم مُحرك مركة رولز رويس للطائرة

وكنت وسط جروب مكون من عشرة أشخاص كانت من بينهم سارافينا .. لكنها لم تكن بالقرب

مني وبجواري كعادتها مُنذ بداية الكورس وحضور المحاضرات ، لكنني كنتُ ألمحها بعيني

وهي تنظر لي من حين إلي أخر ، ولفت نظري في ذلك اليوم أن ملابسها بالكامل باللون الأسود

تيشيرت وچينز وحذاء ونظارة وجراب الهاتف . فتعجبت لأنني لا أعلم ما الهدف أو ما يدور

في رأسها تجاهي ، فأنا عند حديثي معها عن اللون الأسود كان مجرد مِزاحًا مني للفت نظرها

إنها تقوم بتقليدي ، نعم أنا أعشق اللون الأسود بجنون وله معي فلسفة ، لكن لا أريدها أن ترتديه

لا أريد أن اذيد الطينة بلة معها . كفي السواد الذي عاشته وتعيشه ..

 

 أتي بالقرب مني ووقف بجواري صديقنا وليم وألقي لي التحية برأسة ، ومال علي أذني يَهمِس .

" سمعت أنك ذهبت مع سارافينا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي إلي الفراش يا مان ..هل أعجبتك

 و أعجبك جسدها وتمتعت معها  " ..


تعجبت !! . ثم

ابتسمت له .. ونظرت إليها . ثم له .. وقلت .. نعم اعجبني جسدها وتمتعت معها .. تعالي اقترب مني

لتسمعني جيداً .. أنا نبهت عليها لا تتحدث مع أي مخلوق عن الموضوع .. وهي جائت وأخبرتك

بلسانها .. انا متزوج يا وليم كما تعلم  لا أريد مشاكل بيني وبين زوجتي . أنا لي حساب أخر معها .

 

" لا تقلق مان انا سعيد لك أنك امضيت وقت مُمتع معها . لكن سارافينا لم تُخبرني أنا شخصياً

 فهي أخبرت ديانا وديانا أخبرتني " ..

 

نظرتُ إلي سارافينا وجدتها تنظر لي . ثم نظرتُ إلي ديانا وجدتها تنظر لي .. وكنتُ انتظر

الجميع  وباقي الجروب لينظروا  لي  وانا اتحدث مع وليم .. فالفضيحة بالجلاجل لن تكتمل إلا

بوجود .. ألف شخص ..

 

***

 

الواحدة ظهراً .. بريك

تيم هورتونز .. كافيه .

 

كنتُ جالساً واحيداً أمام الطاولة وأمامي القهوة السوداء ودونات الشوكولا .. أتت سارافينا

ومعها ديانا وجلسوا أمامي ، أخذت سارافينا دونات الشوكولا وقسمته إلي نصفين بيدها

وأعادت النصفين إلي الطبق مرة أخري  .. ونظرت لي وهي تلعق أصابعها وقالت ..

 

لو بيدك إعادة النصفين كما كانوا .. سأطمئن عليك عندما تواجه المشاكل التي ستتوالي بينك

وبين زوجتك بسببي .. سوف أثق بك حينها وأتأكد .. بأنك رجل لا تُقهر ..

نحن قطط  مُطيعة . لكننا مُتمردون علي الرجال .. هاهاها ..  ديانا عشيقتي يا محمد ..

 

تقابلنا أنا وهي مُنذ عدة سنوات في عيادة  الطبيبة  " لاوري "  طبيبتنا الخاصة

وهي من اقترحت علينا أن نتعرف علي بعض ونصبح أصدقاء لكي تحكي كل واحدة

منا مشاكلها للأخري .. فمشكلة ديانا ايضاً مُنذ الصغر مشابهة إلي حدٍ كبير من مُشكلتي

وأنا وهي مثلك تماماً . نذهب ونتعلم كل شيء يخطر علي بالنا ، وانا من اقترحت عليها

أن ندرس كورس الطيران وميكانيكا الطيران .. ولسوء حظك إننا هُنا .. معكَ .

 

وهل طبيبتكم لاوري هي من اقترحت عليكم أن تصبحوا عشيقتان ! .. أما ماذا ؟..  

 

هاهاها .. لا .. لم تقترح علينا ذلك .. لكن لو علمت ستكون سعيدة لنا بالتأكيد ..

 

وما هو تشخيص حالتكُم من الطبيبة .. انا .. أعتقد باي بولار حاد و مُزمن .. صح ؟.

 

نظرت لي ديانا وقالت :

بل أكثر من ذلك .. نحن خطر علي الرجال .. أنا لا أعلم كيف لها أن تتركنا نعيش بين الناس

والمُجتمع بتلك السهولة ونحن فتيات أشرار . نكره الرجال بشدة .. 

 

لا لا أطمئني يا ديانا .. أنا مُعظم جيراني وأصدقائي المقربين يعانون من الباي بولار

فأنا لم أري في حياتي أشخاص يعانون من هذا المرض أكثر من كندا وحالتكم ليست مفاجئة بالنسبة لي

زوجتي طبيبة وتعلم ذلك جيداً هي الأخرى .. وعندما تحاولان أن تقسمان الدونات إلي نصفين

تأكدوا بأن ردها سيكون قاسي جداً جداً معكُم .. وهي من ستأتي لتُسامحني حينها لكي أبقا أكثر من ذلك

في بلد مُعظم شعبها يعاني من الباي بولار . فأنا أعيش هنا في كندا فقط .. من أجل زوجتي ..

 

إبتسمت لي سارافينا إبتسمة خفيفة بسُخرية .. ثم نظرت إلي ديانا وقالت :

 

قلت لكِ يا ديانا .. سيرمي بالوم علي المرض والأمراض ..

 والجديد والمُضحك كما سمعتي منه الأن .. إنه يتهم مُعظم الشعب الكندي بالباي بولار

 ففي عقله من ينطق و يقول لا يوجد إله أو خالق للكون هو مريضاً أو يعاني من مرضٍ ما

فهو مُنذ شهرين وأكثر ومُنذ أن بدأنا نتناقش ونتحاور أنا وهو في موضوع الإلحاد والأديان

 يريد أن يأخد دور الطبيبة لاوري ويغير الحقائق بمفهومه ومنظوره ويجعل نفسه طبيب نفساني

وبطل و مُنقذ . مُعظم كلامه معي خارج موضعنا الأساسي نهائي ، يريد فقط أن يتعرف عن حياتي

الشخصية بأدق تفاصيلها لكي يلومني ويلوم الظروف التي جعلت مني ومنكِ و من غيرنا مُلحِد ..

 لا يا محمد لا .. ليست الظروف القاسية .. إنه قلبي وعقلي و أفكاري ..

 

***

 

التاسعة صباجاً .. البيت ..

 

كنتُ منهمكاً كعادتي وأنا أقوم بجرف الثلوج المُتساقطة بكثرة  أمام باب البيت والسلالم من الخارج

سمعت كلمة .. صباح الخير .. رفعت رأسي . لأجد سارافينا أمامي ومعها عُلبة دوناتس وثلاث أكواب

من القهوة .. "  فهي عاده مُتأصلة عند مُعظم الكنديون حين يأتون لزيارة أحد فالصباح يحضرون معم

 القهوة والدوناتس من سلسلة كافيهات تيم هورتونز الشهيرة العلامة الكندية المُسجلة "..  

 

تعجبتُ !. لأنها المرة الأولي تأتي إلي بيتي وليس لي أي علم من أعطاها العنوان .  

 

 قلت لها مازحاً .

صباح الخير سارافينا .. هل أحضرتي لي القهوة السوداء معكِ . إن لم تحضريها

اذهبي حيثما جئتي احضريها وعودي مرة اخري . سأنتظركِ هنا ..

 

هاهاها .. أحضرت لي ولكَ القهوة السوداء ، وأحضرت بعضاً من الحليب والكريمة لزوجتك

فأنا لا أعلم مزاجها و قهوتها المُفضلة .. لكنني سأعلم قريباً عند حديثي معها .

 

 زوجتي !.. زوجتي ذهبت لعملها مُنذ السابعه .. أعطني هذا من يدكِ ... تفضلي تعالي .

 

دخلنا البيت ووضعت سارافينا الأكواب فوق مائدة المطبخ ، ثم جلسنا سوياً أمام المائدة .

 

نظرت لي وهي ترشف القهوة . ثم قالت

ما هو السبب لعدم حضورك الكورس والمحاضرات لمدة أسبوعين . هل انت خائف مني أم غاضب ؟.

صراحة أنا افتقدك كثيراً  أنا جئت لكي أأخذك من يدك ونذهب سوياً لنحضر المحاضرات وأقف

بجوارك كعادتنا وانت تمزح معي وتقتلني ضحكاً .. سامحني أنا معك وأفهمك أنا أفهمك.. مُعظم

الكنديون يعانون من الباي بولار بالفعل ، أنت لستُ مُخطيء فأنا أشاهد العديد ممن يعانون من ذلك

المرض فالعيادة عند ذهابي للطبيبة لاوري

 

لكن مُشكلتي ليست باي بولار فقط يا محمد مُشكلتي ليست باي بولار .. مُشكلتي إني كنتُ

طفلة كأي طفلة صغيرة . دنيتها الوحيدة هي العرائس والدمي ذو الألوان المُبهجة لا أكثر ولا أقل

فأين الإله الذي يحميني أين هو أين يوجد  ما صفاته ملامحه شكله هيئته ماذا يفعل لنا وبنا وعلينا

لماذا فعل بي هكذا  لماذا يفعل بي هكذا  لماذا اتركه يفعل بي هكذا . لماذا تركني أتألم واتعذب

وتُمزق أعضائي من الداخل وأنزف وتُطحن ضلوعي بين قبضتي رجل مريض ملعون وأنا طفلة

وتنتحر اختي الغاليه سيلينا أمامي وانا طفله أين يقبع إلهك فالسماء بحق الجحيم  أنطق جاوبني !!.

 

أنا ابحث عنه كل يوم . كل يوم . انتظر منه إجابة واحدة ولا يوجد منه أي رد

لأنه قصص وروايات وخيال وأوهام نحن البشر من صنعناها لنهرب إليها

لتُطبطب علينا وتواسينا وقت الألم والشدة وتقف بجانبنا لخوفنا من المجهول

 تريدني يا محمد اؤمن بمجهول ليقف بجانبي لخوفي من المجهول ؟؟..

 

اوووه  .. هذه قطتك السودة بيبي جيرل ..

هاي . تعالي يا جميلة تعالي لا تخافي ، يبدو أنني أزعجتكِ بصوتي المُزعج وإنفعالي الذائد

 كما أفعل مع صاحبكِ دائماً ..

 

نهضت سارافينا واتجهت خلف القطة إلي الريسبشن  وجلست علي الأرض تداعبها وتعانقها .

لكنها تركت القطة ورفعت رأسها بهدوء وهي تنظر إلي صورة سيدنا عيسي عليه السلام

المُعلقة علي الحائط  وصورة أخري لأسماء الله الحسني مُعلقة بجوارها ..

 ثم نظرت لي بتعجب شديد وإندهاش ..

 

محمد .. أنت مُسلم وزوجتك مُسلمه .. هل أنتم تؤمنون بالديانة المسيحية وعيسي ؟.

 

سارافينا .. أنا مُسلم  .. وزوجتي مسيحية كاثوليكية ..

نعم .. أنا أومن بعيسي عليه السلام وجميع الرُسل والأنبياء  .

 

قامت و جلست صامتة علي الأريكة رافعة رأسها إلي الأعلي تتأمل الصورتين المتجاورتين

 لبعضٍ من الوقت .. ثم نظرت لي وقالت :

هذه لغتك العربية ؟ .. ما معني الكلمات المكتوبة فالصورة .. أكيد صلاتك صلاة المُسلمين

وما اسم البناء المكون من الحجارة السوداء المتواجد بالمنتصف أنا انسي اسمه دائماً ..

 

الكلمات يا سارافينا هي أسماء الله الحسني المكونة من تسعة وتسعين اسم

الله في الدين الإسلامي له تسعة وتسعين اسم .. والبناء الأسود هي الكعبة المشرفة

نحن المُسلمين نصلي دائماً بإتجاهها من أي نقطة أو مكان فالعالم لكي توحدنا جميعاً

نحن لا نصلي لها كما تظنين بل نتجه نحوها لنصلي إلي الله الواحد الأحد من خلالها

بمعني .. هذا الركن من بيتي هو إتجاة الكعبة . هكذا هُنا .

 

واااو محمد . فهمت فهمت .. فأنا عند مشاهدتي لها في الأفلام كنتُ أعتقد

أن المُسلمون يصلون لهاذا البناء وعقلي مُشتت لا أفهم ما الهدف أو المعني من ذلك .

ممم .. طيب ما هي أسماء الله .. ولماذا تسعة وتسعين اسم ؟.

 

سارافينا .. اسمعي انا اعتذر لكِ لا أريد التحدث معكِ مرة اخري عن الأديان

الموضوع أصبح خط أحمر بيني وبينكِ ، من فضلك أعذريني نحن أصدقاء

تعرفنا علي بعض فالكورس و لا أريد أن اخسرك أو تخسريني و انتي عزيزة

علي قلبي . أنا بعترف إننا فشلنا . أو بالمعني الأصح انا فشلت قبل أن ابدأ

أتحدث معكِ عن نفسي وعن ديني ..

 

اسمع انت محمد .. أنا درست علم النفس ولغة الجسد و التواصل لسنوات مثلك تماماً

وكلٍ منا يحمل خلف ظهره خنجر ليطعن الأخر به عند سماح الفرصة

وانا أعترف لك طعنتني يا محمد طعنتني .. فأنت لم تتحدث معي وتنطق بكلمة وحدة

عن دينكَ الإسلامي وإلهك لكي أفهمه منك . أنت تريد أن تسمع و تأخذ مني فقط ..

 

سارافينا .. مُنذ البداية أنا أعطيتك الخيار وقلت لكِ لابد من كلٍ منا أن يترك الأديان جانباً

ويحكي ولو بجزء بسيط عن حياته السعيدة أو التعيسة .. وانتي من اختارتي الجزء المُظلم

من حياتك .. فلا تلوميني .. لأكون صريح معكِ .. الجزء المُظلم دائماً محتاج إلي ضوء ونور

لنفهم بعض .. غير ذلك .. صورتكِ وأفكاركِ ستظل في عقلي مُشتتة مُبعثرة  غير واضحة ..

 

انت إنسان كائيب وحبك للون الأسود سيقضي عليك ، لماذا تبحث وتفتش فالجانب المُظلم مني

ولم تري عينك الجانب المُضيء مني  ... .... .... لماذا تضحك الأن محمد !! ... لا تعصبني ..

 

أضحك لأن سيارتك الچيب الجديدة المركونة بجانب سيارتي في الخارج  لونها أسود

وسرعة بديهتي ستنهي وتقضي عليا قريباً بسببك .. مبروك السيارة ..

 

هاهاها  اسكت محمد اسكت .. هل أصبحت بروفيسور في علم النفس ؟.

 

لا .. للأسف .... أنا نفسكِ ذاتها ..

 

هاهاها .. قلت لك انت تطعنني دائماً وتكسب ، وخوفي هو أنني أنجرف ورائك

وتقنعني واقتنع أن للكون خالق أو أعبد إله ..

 

انا لا انتظر منكِ أن تعبدي خالق أو إله .. لأن حالتكِ غير صالحة ومُهيئة لذلك الأن

عمرك ثلاثون عام  لكنكِ مازلتي طفلة صغيرة جداً . توقفت أفكارها عن العمل مُنذ التاسعة .

 

تاني محمد تاني تريد أن تلقي بالوم علي المرض والظروف .. انت لا تفهم . عقلك لا يريد أن يقتنع

اسمع انا الأخرى لا أريد أن أخسرك كصديق عزيز علي قلبي .. انت مُحق موضوع

الأديان والإلحاد أصبح خط أحمر .. ولكي أكون صادقة معك ولنكشف أوراقنا لبعض

لننتهي من تلك اللعبة السخيفة ، ديانا صديقتي الوحيدة و المقربة لي بالفعل .. تعرفت عليها مُنذ

 سنوات في عيادة الطبيبة ، لكنها ليست عشيقتي كما قلت لك ، فإنها كانت فكرتها هي وحدها

 

لأنها قرأت أن الدين الإسلامي يمنع ويحرم السحاق والمثلية الجنسية وممارسة الجنس قبل الزواج

والمُسلمون يكرهون تلك الأفعال ومن يفعلها بشدة .. كُنا نريد فقط نرفزتك و كنت بارد  بارد  جداً

و انت من قمت حينها بنرفزتنا بردك علينا ، وأنا كرهت نفسي لأن ديانا غضبت مني وزعلت

نحن كنديين نغارعلي بلدنا فلا تتهم مُعظمنا بالأمراض النفسية رجاء ... اتهمني انا فقط ..

 

ها ها ها  يوجد في مصر الأمراض العقلية والنفسية يا سارافينا و أمريكا و فرنسا وإيطاليا وبلاد

العالم كله  ليست كندا فقط .. انا لا أحمل لكِ خنجر وراء ظهري كما تظنين و تتوهمين يا عزيزتي

أنا ابصم لكِ بالعشرة أنكِ إنسانه ذكية مُثقفة طيبة واعشق تفكيركِ بواقعية وبحثكِ عن الحقيقة دائماً

الظروف هي التي جمعتنا ببعض ، وانا  كنتُ مُهتم بشدة  أن اتعرف كيف يُفكر المُلحِد  فقط

لا أكثر ولا أقل .. لكن في حالتكِ .. أنا لم أصل لإجابة شافية ولا تعني لي الإجابة منكِ أي شيء .

 

أفهم من كلامك أنكَ تبحث عن إنسان وشخص مُلحِد لم يمر بظروف قاسية أو يعاني من الأمراض

لكي تصلك منه إجابة شافية .. وانا أقول لكَ .. صعب أن تجد ذلك الشخص يا محمد ..

 

إذاً ... أنتي مُعترفة ..

 

هاهاها .. دائماً تطعنني بخنجرك الذي تنكره ... وأنا أيضا كذلك ..

 

انتي أيضا كذلك !!..

 

نعم .. أريد أن اتحاور مع إنسان أو شخص ..

 لا يُفتش في دفاتري القديمة أو يقتلني معه بصمته وبروده  وهو يقوم  بدور المُستمع ..

 

***

 

عيد ميلاد صديقتنا .. نورين

 

كانت سارافينا تضحك بشدة هي ومن حولها من الحضور الساكرين المخمورين  ..

 وكنتُ أنا جالساً مع مجموعة اخري من الراكزين الهادئين ، نتبادل الحديث ونضحك ايضاً

علي تصرفات المخمورين الهستيرية الغير مُتزنة .. جائت سارافينا قبل نهاية الحفل ونظرت

لي .. وانقطعت الإبتسامة من علي وجهها وتغيرت ملامحها وكأنها تذكرت شيئأ ما ..

وبصوت عالي قالت :

 

اسمعوا يا جماعة .. اسمعوني .. محمد فيوري صديقنا المُسلم العربي الوحيد بيننا

هو يتهمنا ويتهم جميع الكنديين بأننا نعاني من الأمراض النفسية المُزمنة وانا أولهم

يُريد دائماً أن يسحبني هاهاها  يسحبني لأفكاره ويُفتش بداخلي دائماً عن إجابة شافية

احببتة من النظرة الأولي الأحمق الغبي وانا لا أعلم  هاهاها  إنه متزوج طبيبة كندية

عيسي و أسماء الله في بيته .. ويمتلك قطة سوداء جميلة اسمها بيبي جيرل ..

رائحة عطره تأخذني دائماً لعالم أخر ... أنا أحبك مان أحبك بجنون

 لأنك أبي الذي افتقده مُنذ زمنٍ طويل ..

 

***

 

قاعة المحاضرات ..

 

كانت جالسة بجواري كضلي ، وكان المُهندس يشرح لنا بعض المسائل الرياضية والفيزيقية عن جسم

الطائرة .. هزت سارافينا علي يدي وانا اكتب علي الأوراق .. نظرتُ لها وقالت ..

 

أنا اسمي " سارا " ..  قررت أن أحكي لك عن ذلك الجزء من حياتي بعد المحاضرة

قررت أحكي وانت تسمعني فقط . لا يهم ، لأنني أصبحتُ أشعر بإرتياح  و

 

المهندس بصوت عالي  ..

مس سارافينا براين . مستر محمد فيوري . من فضلكم اطلعوا بره القاعة فوراً ..

 

***

 

سيارة سارافينا ..

تم طردنا من المحاضره ..

عند صعودنا  للسيارة قلت لها بالمصري  كعادتي ..

 الله يخربيتك  الله يخربيتك يا مجنونه يا بنت المجانين ..

 

ضحكت لي و قالت ..

 أعلم أنكَ دائماً تلعنني باللغة العربية وانا مسكينة اسكت لأنني لا أفهم

 سامحني علي ما حدث . سنحضر القهوة السوداء فوراً  واسمح لي إن لم تمانع

أن نذهب إلي بيتي سويا لتري بعينك مُفاجئة عظيمة قد أحضرتها ..

 

مم .. طيب ... قولتي لي اسمك الأصلي هو سارا .. وليس سارافينا

 نحن في مصر نقول ساره .. وهنا في كندا الاحظه  ساره أو سارا

 علي العموم ليس موضوعنا .. أنا أعتقد أنكِ اضفتي لأسمكِ بعض الحروف

بعد هجرك لعائلتكِ وبيتكِ مُنذ صغرك ، لأنكِ كرهتي اسمك الأصلي

وأردتي التغيير للهروب من ذكرايته المؤلمه ،  واصبح اسمك مقسوم إلي نصفين

كعقلك وتفكيرك تماماً .. هل كلامي صحيح ؟..

 

اسكت محمد من فضلك اسكت اسكت اسكت ..

 

حاضر ... اتخرست .

 

***

  

بيت سارافينا

باب البيت من الخارج ..

محمد أغمض عينك قبل الدخول من فضلك  ... تمام .. تعالي ورائي بهدوء ... تعالي ..

افتح عينك .... ممم ... هل أعجبتك المُفاجئة ..

 

إبتسمتُ إبتسامة خفيفة وانا أخبط بكف يدي علي رأسي وجلستُ علي الأريكة

رافعاً راسي أنظر إلي صورة سيدنا عيسي عليه السلام  وصورة لأسماء الله الحسني مجاورة لها

علي الحائط  أمامي ..

 

محمد أنا قمت بشرائهم اون لاين مُنذ شهر من متجر أمازون بعد زيارتي لبيتك انت وزوجتك

وتعلمت تعلمت من جوجل بعض أسماء الله  .. الله الملك القدوس السلام الموومن المهمين

انتظري انتظري من فضلك .. انتظري .. المؤمن ... المُهيمن .. ال مو ها ي من

انتظري من فضلك أهدائي سارافينا عزيزتي و اجلسي أمامي واسمعيني جيداً ..

 

أنا وانتي اتفقنا بأن موضوع الأديان والإلحاد بيننا أصبح خط أحمر حتي لا نخسر بعض

كلامي صحيح ؟..

نعم .. كلامك صحيح ..

 

هل قمتي بشراء الصورتين من متجر أمازون من أجل الله خالق الكون .. .. ام من أجلي ؟..

 

أنطقي ... ... أنطقي سارافينا ..

من أجل الله خالق الكون .. أم من أجلي أنا ؟ ..

 

محمد كان في بالي إنكَ ستطير من الفرحة !..

 

انتظري رجاء انتظري .. انا متزوج .. وأخذت عهد مع نفسي واقسمت أمام الله .. إلهي .. وقررت

 أن اصبح أنا ابوكي وانا امك وانا اخوكي وانا أختك وكل من افتقدتيهم في حياتك ومازلتي تفتقديهم بغبائك

فإن كُنتي تنعمين و تمتلكين الحُرية وتفعلي ماشئتي في حياتك كما تتوهمين بدون قيود وأحبال وسلاسل

وتمتلكين الكون بأكمله وتنكرين وجود الله خالق الكون  ف  إلا الله  إلا الله  إلا الله  . وأنا لاء ..

 

مُنذ اليوم الأول وانا اعلم جيداً أنكِ تعشقيني بجنون .. كُنتي تعتقدي بأننا يوماً ما سنصبح روح واحدة

انا درست مثلك انا ارتدي مثلك سيارتي مثلك مثلك مثلك .. من الأن انا تركت الكورس إلي الأبد

لا أريد العودة مرة اخري .. وانتي .. ستتركيه ؟.

 

اسمعي لا تشتري صور من امازون ولا تفكري أن تحضري مُصحف شريف وتلمسيه بيدكِ مفهوم .. وكفي

ما حدث .. أنا ابكي كل يوم مائة مرة بسببك يا غبية واتعذب كإنسان يشعر بكِ فقط بعيداً عن الدين والإلحاد

لا أحمل لكِ خنجر حتي أطعنكِ به ولا أخفي أوراقاً حتي أظهراها أمامكِ ، وانتي من كُنتي تطعنيني دائماً

بكلامكِ القذر والخبيث وإحراجي دائماً أمام الناس واصبر واتحمل لأنني كنتُ أتوهم بأنني سأصل معك

يوماً ما إلي بر حين تعودي إنسانة طبيعية بيدها الإختيار، حينها كنتُ سأأتي أنا بنفسي إليكِ وفي يدي

الصور والقراَن والإنجيل والتوراة  لتختاري .. لكن للأسف .. كل يوم يمرعلينا  كان البر يبتعد ويبتعد

وتذدادي بعنادكِ إنكاراً لله  و يذداد بسببكِ إيماني بالله ..

 

 سارافينا صديقتي الغالية أشكرك .. أشكرك جداً

صفعتني يدكِ أعظم قلماً دون أن تلمسني أناملكِ أو أشعر بها علي وجهي .

 تلك هي حسنتكِ الوحيده معي مُنذ ظهوركِ في حياتي ..

 

محمد .. أنا اشعر بالجوع هيا بنا نذهب لمطعم لوريتا للفطائر والبيتزا

 

يا الله يا ولي الصابرين أستغفرك وأتوب إليك  لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين

هيا بنا يا مجنونه .. هيا بنا ..

 

***

 

برجر كنج  ..

 

من الأن فصاعداً انا من يقرر ويختار المطعم  ،  ومن الأن فصاعداً لن نذهب إلي الكورس أبداً

ومن الأن فصاعداً الإقلاع عن الكحول وتدخين الماريغوانا والسجائر والسهر والحفلات و البارات نهائي

ومن الأن فصاعداً الذهاب إلي العلاج بإستمرار ،  ومن الأن فصاعدأ رياضة وجيم  وراحة تامه ..

أه . قبل أن انسي .. طعام صحي أكيد .. مفهوم .

 

هاهاها  برجر كنج و طعام صحي .. ومن الأن فصاعداً اتفقنا ، ومن الأن فصاعداً انا بحبك محمد بحبك .


الله يخربيتك .. الله يخربيتك ..

 

***

 

البيت .. غرفتي الخاصة ..

 

كنتُ أجلس مُنتصف الليل كعادتي اليومية خلف النافذة الزجاجية الكبيرة المُطلة علي حديقة بيتي الخلفية

لأشاهد الثلوج البيضاء الكثيفة الهشة وهي تتساقط بكل هدوء أمام عيني

اسافر معها سارحاً في جمالها الرباني الأخاذ ، فتلك اللحظات هي دائماً لحظاتي ، ابتعد من خلالها

عن ضجيج يوم مليء بالأحداث رحل وحل عني و تركني لحالي وحيداً حيث الهدوء وراحة البال

وكالعادة أتذكر كلامها معي .. وأجيبُ علي اسئلتها  في خيالي وسري . والله علي ما أقوله شهيد .

 

" لماذا فعل بي هكذا  لماذا يفعل بي هكذا  لماذا اتركه يفعل بي هكذا  لماذا تركني أتألم واتعذب "

" تريدني يا محمد اؤمن بمجهول ليقف بجانبي لخوفي من المجهول ؟.. "

" لماذا تبحث وتُفتش فالجانب المُظلم مني .. ولم تري عينك الجانب المُضيء مني "

" ففي عقله من ينطق و يقول لا يوجد إله أو خالق للكون هو مريضاً أو يعاني من مرضٍ ما "

" المُلحِد لا يقول لك أترك ربك أو إلهك الذي تؤمن به وكُن مُلحِد

إنما المؤمن دائماً يقول لي لابد من أن تكوني مؤمنة ! .. لماذا ؟.. "

" نحن يا محمد من عدم وحين أن تنتهي حياتنا ونموت سينهشنا الدود وينهي علينا ونصبح عدم

بكل إختصار من عدم و إلي عدم "

" أنت واندرو زوج أمي واحد لا فرق بينكما خبيث وقذر تريد أن تذهب معي إلي الفراش

 وأنت غبي و قذر قذر قذر "

" تمام بالضبط . اريد أن أري بعيني حقائق وأشعر بها وأنا ألمسها بيدي لكي أؤمن بها ."

" نعم !.. أهلي !..  ما دخل أهلي بالنقاش و الحوار الدائر بيننا .... أنا أعيش وحيده "

" أين يقبع إلهك فالسماء بحق الجحيم  أنطق جاوبني !!. "

" أنا أحبك مان أحبك بجنون .. لأنكَ أبي الذي افتقده مُنذ زمنٍ طويل .. "

" لا يا محمد لا ... ليست الظروف القاسية ... إنه قلبي وعقلي و أفكاري "..

" رجاء الضغط علي العلامة الخضراء و مشاهدة الفيديو المُكمل للفصل الأول

ثم معاودة القراءة لإكمال الفصل الثاني و باقي القصة "

 MP4



الفصل الثاني

 

مرت ثلاثة أشهر علي اتفاقنا الأخير وبعد أن تركنا الكورس ، نفذت سارافينا بالفعل كل ما كنتُ أطلبه منها

بالحرف ، امتنعت تماماً عن إدمان الكحول والماريغوانا والسهر وذهبت للرياضه والجيم وتكملة العلاج

مع طبيبتها لاوري .. كنتُ سعيداً وفخوراً جداً بها لإنها عادت صديقتي سارافينا لطبيعتها الهادئه الخجولة

ذو القلب الطيب المُستمعة المُطيعة والإنسانه قبل كل شئ ، تماماً كما رأيتها وتعرفت عليها مُنذ البدايات ..

 

في تلك الأثناء كنتُ أسافر إلي عملي الأساسي الذي يبتعد عن مدينتنا سبعة ساعات متواصله بالطائره داخل

كندا حتي الوصول إلي مقاطعة ألبرتا . كنتُ أسافر أسبوعين واعود إلي البيت أسبوع . في تلك الأثناء ايضاً

قررت القيام بإفتتاح مطعم للمأكولات العربية الشرقية ، فأنا كما قلت فالسابق درست كل شيء أهواه ولم  

انسي دراسة المطبخ ، بالفعل قمت بشراء مطعم  وكنتُ لا أمتلك الوقت و مُنهمك ومُنهك ما بين عملي

الأساسي وإعداد المطعم من إنشائات وديكورات و منيو وطاقم عمل ... لكن ...

يوماً ما .. كنتُ عائداً من المطعم عصراً لأخذ قسطاً من الراحة .  

 

 

البيت .. مائدة الغداء

سارافينا .. زوجتي كارول

 

 كما قلت لكِ كارول ..  زوجكِ معي ليل نهار مُنذ أن تركنا الكورس . فأنا لا أعلم كيف يفكرون الرجال

لا أمان لهم لا أمان .. أنا أعلم عزيزتي انكِ مشغوله بعملكِ الشاق بالمستشفي مع المرضي بالنهار وعيادتك

أيضاً . أعتذر لكِ كارول كلامي قاسي وأشعر بما تشعرين به الأن حبيبتي . ممكن تسمحي لي أن اعانقكِ

 

كارول ..

بالتأكيد .. اشكرك علي ماجيئكِ وإخباري بالموضوع ..

 

دخلت من باب البيت ورأيت سارافينا تُعانق زوجتي كارول ..

ثم نظرت لي سارافينا مُبتسمة  وهي ترتدي حذائها .. وقالت :

 

زوجتك جميلة وعظيمة و تمتلك قلب كبير .. حافظ عليها .. ثم تركتنا وخرجت بكل برود ..  

 

نظرت لي زوجتي وقالت ..

تفضل اجلس لنأكل ، الطعام أصبح بارد ... صديقتك أتت إلي البيت ولي شخصياً كما كُنا نتوقع

 إنها مسكينة حقاً وتحتاج الرعاية و الإهتمام  و حالتها صعبة .. أنا معك واجبنا أن نساعدها

ونقف بجانبها لكي تتخطي المرض .. لكن كما أخبرتك الكنديون لا يتحدثون عن الدين والسياسه   

وانت من وضعت نفسك داخل دوامة كبيرة ومُشكله .. إنتبه لعملك أهم ..

 

ماذا قالت لكِ سارافينا ؟..

 

***

مطعمي الخاص

 

الثانية عشر مُنتصف الليل ..

 

كان يساعدني شخص ظريف اسمه چيمس . بنيت له غرفة بأعلي المطعم ليسكن بها .. وكنت منتظره

في ذلك الوقت يأتي ليستلم الغرفة .. وبالفعل أتي ومعه كلب شيواوا صغير .. قمت بمداعبة الكلب

وسألته عن اسمه .  قال لي ..


اسمه  شبشب ..

إنفجرت ضحكاً .. وقلت له معني اسمه بالعربي فإنفجر ضحكاً هو الأخر .. ودون سابق إنذار

سمعنا ضحكات و خبط شديد علي زجاج المطعم من الخارج ..

 نظرتُ بعيني لإتجاه الصوت .. رأيت سارافينا ومعها ديانا .. ذهب چيمس وفتح لهما الباب

وتركنا وصعد لغرفته الجديدة مع  شبشب ... دخلت سارافينا  ورائها ديانا .. 

 

نظرت لي سارافينا مدة من الزمن منتظرة ردة فعلي معها ... لكنني لم أفعل لها شيء ..

 ثم ابتسمت لي وقالت ..

 

مبروك .. متي الإفتتاح .. أه نسيت . زوجتك هي من أخبرتني أنك هنا .. فالمطعم ..

 

اهلاً تفضلوا تعالوا لنجلس عند هذا الركن علي مايبدو سيكون ركني المُفضل و الدائم لقربه من الزجاج

فأنا معروف عني برودي وهدوئي المُميت لسنوات وسنوات انا برج الجدي ، لكن حين أنفجر سيتناثر

الزجاج وتكون نهايتكم عند قيامي بتحطيمه فوق رؤسكُم .. أنا مصري وعربي أصيل . ونحن العرب

لنا حد مُعين ولا نسمح لأي أحد فالكون أن يتخطاه . وبيتي له حد يا ديانا .. إلا بيتي . مفهوم ..

 

نظرت لي ديانا بتعجب وهي تجلس وقالت ..

سارافينا حرة  تفعل ما يحلو لها .. أولاً انت لا أبوها ولا أخوها لكي تحكم عليها أن تذهب للطبيبة لاوري

أو الجيم أو تمتنع عن الشرب والمارغيوانا والسهر .. هي تُخبرني عن كل شيء يدور بينك وبينها وتحت

مراقبتي لأنني صديقتها الحقيقية واقرب لها منكَ .. انت لم تنام يواماً واحداً فالشوارع ويصبح لون وجهك

كثلج الشتاء ، ماذا تفعل في بلدنا اذهب إلي الجحيم إلي بلدك .. أنت أحمق وجعلت الحمقاء  تقراء وتُفتش

عن نفسها وحالها في جميع الكُتب و الأديان .. وانا اقول لها انتي لا حبيبته ولا زوجته  لكي تعلقي صورة

عيسي وأسماء الله في بيتنا ... ما ذنبي أنا أن أري تلك الصور مُعلقة أمامي ليل نهار وأنا لا اؤمن بها

ما ذنبي أنا يا محمد . ماذنبي .

 

نظرت لها سارافينا وحاولت وضع يدها فوق فمها لتسكت ..

 

أزاحت ديانا يدها وقالت :

 سارافينا  مُنذ شهرين تعرفت علي عربيه مُسلمه اسمها مشاعل

وتعرفت علي قس مسيحي اسمه بيتر وتعرفت علي ياهوديه اسمها سيمون والثلاثة  أديان أصبحوا عندنا

فالبيت ... وانا كرهت عيشتي بسببك وبسبب مشاعل وبيتر وسيمون .. أصبحت سارافينا تفتش عن حالها

في الأديان وانا افتش عليها فالبيت والشوارع والبارات وكورس الطيران  هاهاها   كورس الطيران تتذكره

لم أجد صديقتي العزيزه التي افتقدها بسببكَ يا أحمق .. لم أجدها .

 

ديانا .. علي ما يبدو انكِ  قمتي بشراب زجاجتين بنفسكِ .. تشربي قهوة سوداء معي انا و سارافينا .

 

ماذا .. ماذا قلت !..

 

أقول لكِ قهوة سوداء .. قهوة سودااااء  

 

أشارت لنا بإصبعيها الأوسطان إلي الأعلي

إذهب انت وهي إلي الجحيم ..

 

***

 

وول مارت .. ماركت .

 

كنتُ أقوم بشراء بعض إحتياجات البيت قبل سفري إلي عملي في ذلك اليوم ليلاً .. اتصلت بي سارافينا

وطلبت مُقابلتي قبل السفر .. فقلتُ لها أن تأتي إلي المول لنتحدث ، وبالفعل أتت وجلسنا سوياً كالعادة

في تيم هورتونز .. كافيه .

 

محمد .. انا أريد أن أترك البيت مع ديانا واقوم بشراء بيت أخر بالقرب منك انت وزوجتك كارول ..

للمرة الأولي أريد أن اتخذ قرارهام في حياتي بنفسي ولوحدي ارجوك ساعدني .. ديانا دائماً تحرجني أمام

مشاعل أو سيمون .. ومشاعل بالأمس طلبت مني أن تكون المُقابلة معها في سيارتها فقط  أنا مُحرجه جداً .

 

لا لا عيب أنا معكِ في كل كلمه و مشاعل ممكن تزعل أكيد . إلا مشاعل .. لكن

من هي مشاعل يا مجنونه ، متي تعرفتي عليهم وانا كنت فين !.. مين مشاعل ؟ .

 

انت السبب محمد انت السبب .. تعرفت عليها ..  رأيتها ماشيه فالشارع وقبل أن تدخل سيارتها وتصعد

قلت لها أنا مُلحِدة و أريد أن أتعلم أسماء الله عند المُسلمين وأفهمها

 فإبتسمت لي ، ودون أن تتكلم معي بكلمة عانقتني بكل حُب ، إنسانه جميله طيبه رقيقة القلب .

 

مم .. وكيف علمتي إنها مُسلمه ؟ .. إنطقي .

 

محمد انت غبي !!..

كانت مرتدية علي رأسها حجاب طبعاً .. قالت لي إنها من السعودية العربية بلد الكعبة المشرفه ..

واعطتني مِسك وعود .. انتظر انا احتفظ بهم معي هنا في حقيبتي... شِم .. هل أعجبتك الرائحة ..

لكن حين طلبت منها كتاب القراَن .. قالت لي ليس الأن .. أمامكِ طريق طويل قبل أن تلمسيه بيدكِ

كما قلت انت لي وانت في قمة نرفزتك معي حينما كنت تعنفني وتقول لا تحضري مُصحف وتلمسيه

بيدكِ  لا تحضري مُصحف وتلمسيه بيدكِ .. شرير انت شرير ..

 لكن فضولي جعلني أذهب إلي الإنترنت لكي أعرف ما هو سبب وسر ذلك الكتاب العجيب و الغريب

الذي يحفظونه المُسلمون في قلوبهم وصدورهم و عقولهم كما قالت لي مشاعل ..

 

وماذا تعلمتي و فهمتي بنفسكِ بعيداً عني وعن مشاعل ؟..

 

فهمت أنني قبل أن ألمسه لابد أن أغتسل إن كنت حائض أو مارست الجنس أو الشرب والمخدرات

و أشياء كثيره لا أتذكرها جيداً ، لكنها أشياء طاهرة بعيدة عن القذارة والنجاسه هذا ما فهمته بالضبط .

 

وهل من الممكن أن تحضري ذلك الكتاب من أمازون أو أي مكان اخر وتلمسيه بيدكِ  دون علمي وعلم

مشاعل ؟..

 

لا لا محمد . لا أريد إيذاء مشاعركَ ومشاعرها الله شاهد ..

 

هاهاها  ماذا قولتي !!  .. الله شاهد !! .. ممكن اسمعها منكِ مرة اخري من فضلك .

 

الله شاهد ويراني .. هذا ما قالته لي مشاعل إنه يراني ويراقبني . انا اعلم ذلك بالطبع مُنذ صغري .

 

سارافينا صديقتي الغاليه .. لابد أن اذهب إلي البيت فوراً طائرتي بعد ساعتين من الأن

وعند وصولي ألبرتا سأسهر معكي علي الإنترنت والمحادثه لتُخبريني بالتفصيل من هي

مشاعل و القس بيتر ومن هي سيمون .. أتفقنا .. خذي بالك من نفسك رجاء .

 

أنتظر محمد أريد التحدث معك ارجوك .. نحن لم نقم بطلب القهوة حتي الأن .

 

أعذريني لابد أن اذهب حالاً اطلبيها انتي لنفسك وإستمتعي بمذاقها . اراكِ قريباً صديقتي حين عودتي  

أها  قبل أن انسي .. من الأن حاولي أن تضيفي إلي القهوة السوداء القليل من الحليب والكريمة البيضاء

لتكسري بهما حدة السواد . لأنني أشعر أنه بدأ يزول شيئا فشيئاً .. باي .

 

***

 

ألبرتا

 

كانت تتحدث معي بإستمرارعلي الهاتف أو الجهاز اللوحي مُحادثة صوتية أو مرئية كلما سمح لي الوقت

طوال فترة وجودي في ألبرتا ... وذات ليلة .. ليلة العودة إلي مدينتي بنوڨا سكوشا . كنتُ أقوم بتحضير

حقائبي داخل غرفتي بالأوتيل إستعداداً  للسفر السادسه صباحاً .. أتت لي رساله قمتُ بفتحها .. وتعجبت !.

 

كانت صورة لسارافينا مرتدية الحجاب الإسلامي مُبتسمه .. لكنني جلست سارحاً افكر واتسائل وانا اتأمل

الصوره .. وكفي ألاعيب ديانا  كفي .. قررت في تلك اللحظه بالفعل أن أقوم بتوبيخها وإهانتها هي وديانا

بشدة والإبتعاد عنهما نهائي و بلا عودة  .. لكنها إتصلت بي . لحظة إتصالي بها ..

رديت عليها بإنفعال و عصبيه شديده

 

إسمعي انتي وديانا وجودكم في حياتي خراب إنتهي الأمر إبتعدوا عني . إذهبوا إلي الطبيبه لوري

فهي تنتظركم هي تنتظركم  و ..

 

اسمع انت محمد انا مع مشاعل داخل سيارتها وهي تسمعك ..

انا تركت البيت لديانا ورحلت و قمت بشراء بيت أخر مُنذ أسبوع ، وانا من طلبت من مشاعل الطرحه

والحجاب .. لا تتهمني بالمرض انت المريض .  فأنا مُنذ شهور أريد أن ارسم البسمة علي وجهكَ دائماً

 ومراراً وتكراراً وانت تعاند .. علي العموم مشاعل هي من قامت بالبحث معي عن منزل أخر وساعدتني

انا فقط تخيلتها مُفاجئة ستسعدكَ عند عودتكَ من السفر لإبتعادي عن ديانا  كأول قرار صائب أتخذه

من نفسي ولوحدي .. شكراً إنكَ سعيد لي محمد شكراً ..

 

سارافينا . صديقتي . العزيزه . الغاليه  ..

لماذا يهمكِ سعادتي و إرضائي ورسم البسمة علي وجهي وربطهم بتحديد مسائركِ و مُستقبلكِ .

قراراتكِ لابد أن تكون نابعة من داخلكِ انتي فقط . لا من اجلي أو من اجل ديانا أو من اجل مشاعل

أو من اجل القس بيتر أو من اجل سيمون ..

الله يخربيتك الله بخربيتك احرجتيني مع الناس بصوتي العالي ..

 

هاهاها .. انا لا أعتقد إنها فهمه الجُملة الأخيره استاذ محمد.. لكن أوعدك أترجم لها ..

 

لاء اَنسه مشاعل أرجوكي إلا الكلمه دي .. انا أسعد إنسان فالوجود إنها مش فهماها

لأنها الكلمه الوحيده اللي بفش غضبي و غلي بيها معاها أرجوكي ... فرصه سعيده

 

فرصه سعيده أستاذ محمد .. انا مُتفهمه كل اللي انت قولته لها

و مو هكون سعيده  لو مافي نيه و إصرار داخلي نابع منها هي فقط 

الحجاب والطرحه جبتهم لها  لإنها طلبتهم مني بنفسها . لا تقلق عزيزي لا تقلق ..

 

***

 

كندا - يناير 2011

مطعمي الخاص .. المطبخ

 

كنتُ أقوم بتحضير مكونات الشاورما بنفسي .. وبجاني چيمس يُشاهدني وهو مُهتم بشده ، مع تواجد بعض

العاملون في المطبخ بأماكن متفرقه يقومون بأعمالهم  ..

 

دخلت علينا الويتر ربيكا وقالت لي ..

يوجد شخص بالخارج علي طاوله رقم خمسه طلب مني مُقابلتك ..

 

خرجت معها وتوجهت له مباشرة .. وقف وهو مُبتسم وصافحني بحرارة  ليعرفني علي نفسه

 

انا القس بيتر . قس كنيسة سان لينرد . ابحث عنك عزيزي مُنذ فترة طويله

 والمُضحك أنني أأتي دائماً إلي مطعمك لطلب طبقي المُفضل وليس لي أي علم إنني في مطعمك 

مبروك سيد محمد . بارك لكَ الله وحفظكَ  .

 

أشكرك الأب بيتر وجودكَ بالطبع في مطعمي المتواضع يُشرفني . تفضل اجلس سيدي تفضل

 وما هو طبقك المُفضل . هل هو مكون من المأكولات البحرية . ام اللحم البقري . ام الدجاج .

 

لا  لا . طبقي المُفضل هو كُشري .. صراحة انا اسف إنني أزعجتكَ وطلبت مُقابلتكَ دون معاد مُسبق

انا فقط لمحت اسمك صدفة للتو وانا اتصفح المنيو وأبتسمت .. سارافينا حكت لي عنكَ الكثير والكثير

كنتُ أطلب منها مُقابلتكَ وهي ترفض ولا أعرف ما السبب .. لكن انا سعيد إننا أ تقابلنا اخيراً ..

 

وانا ذادني الشرف بوجودك وأن أجلس معكَ سيدي بيتر ..

 

***

 

بيت سارافينا الجديد

 

ممكن ادخل .. ؟

 

بالطبع ممكن . أهلاً تفضل ..

لكن رجاء .. كُن حذر أثناء حديثكَ معي محمد . لا تتهمني إنني مريضه . مفهوم

انا أصبحت ابحث عن الحقيقه بالفعل من داخلي انا فقط . بعيداً عنك وعن مشاعل والقس بيتر وسيمون

مشاعل أنهت دراستها في كندا وعادت إلي بلدها وانا افتقدها بشدة  . لحظه سأحضر لكَ قهوتك المُفضله

 تفضل اجلس .. ليه واقف !..

 

ذهبت سارافينا لإحضار القهوة .. وانا جلست ..

لكنني جلست بين كومة من الأوراق و الكتب المتواجدة حولي بكثرة وفي كل مكان

منها باللغة العربية ومنها باللغة العبرية المترجمة إلي الإنجليزيه .... ابتسمت من داخلي وكنتُ سعيد

شعرت براحة نفسيه وبإطمئنان لا يوصف .. لأنني في تلك اللحظة تأكدت بعيني وايقنت تماماً و بالفعل

إنها تبحثُ عن الحقيقة بعيداً عن العالم الخارجي و بدون أي مساعدة خارجية أو من أجل أحد بعينه

و كأنها أرادت أن تهتدي وهي تبحث عن الحقيقة بنفسها و بعقلها وقلبها فقط . كما كنتُ أنتظر و اتمني ..

 

تفضل القهوة ...

 اراكَ أحضرت لي وردة بيضاء في يدك .. ستقدمها لي ام ستظل في قبضة يدك إلي الأبد حتي تذبُل !..

انطق محمد . انطق .. هات أعطيني الوردة .

 

مم . انا اسف جداً .. تفضلي وردتكِ . أرسلها لكِ القس بيتر ..

 

القس بيتر !..  

هاهاها ... شكراً .. قل له شكراً محمد شكراً ..

 

بتضحكي ليه يا مجنونه يابنت المجانين ..

 

اسمع محمد من فضلك كلمني بالأنجليزيه فقط .. انت في كندا ..

 

سوألي لكِ هو .. لماذا تضحكي يا سارافينا يا صديقتي العزيزه ..

 

أها ..

اضحك لأنني شعرت بسعادة لمدة لحظة واحدة وانت تعطيني الوردة .. و السعادة انت تأخذها مني دائماً ..

لكن تعرف .. إنها اصبحت أجمل وردة وهدية يهيدها لي احد ... وانت أين وردتك ؟..

فمشاعل دائماً كانت تهديني الورود والقس بيتر وسيمون .. إلا انت .. إلا انت

 لا افهمكَ إلي الأن لأنكَ غامض إلي حدٍ كبير كالبئر الغويط  وغامق  كقهوتك السوداء تماماً

لا تقف رجاء  اجلس اسمعني .. اجلس محمد .. انا اسفه . أعدكَ سأتحكم في إنفعالاتي .

 

سارافينا صديقتي العزيزه الغالية ..

لا تنتظري مني وردة .. لا مساعدة دينية .. ولا أي شيء .. خصوصاً مني انا ..

 

هاهاها ... خائف من الله ..

 خائف أنني اعتنق الدين الإسلامي من أجلك ، وتعيش ذنب عظيم باقي حياتك بسببي وانت تتسائل

هل هي كانت مُقتنعة بهذا الدين أم لا ... لكن تعرف محمد بكل أمانة وصدق .. خوفكَ من الله

جعلني افكر به اَلف مره ، بل أكثر من اَلف مرة .. لا اكذب عليك . انا احببت الله كثيراً

 لأن خوفكَ المُستمر و الواضح لي و أمامي دائماً .. جعلني ادرك بالفعل ... أن الله غيب ..

 

طيب والدود .. أين الدود يا سارافينا أين الدود ؟..

ماذا تقصد !..

 

قصدي هو . هل تتذكري حينما قولتي لي ، نحن من عدم وحين أن تنتهي حياتنا ونموت سينهشنا الدود

وينهي علينا ونصبح عدم ..

 

ارجوك ارجوك كفاك لعب معي كفي طعني بخنجرك الملعون عقلي أصبح لا يتحمل ارجوك محمد ..

 

انا اسف سارافينا ، انا علي اتم إستعداد أن فتح لكي قلبي واتحدث معكِ الأن عن نفسي وعن ديني بكل

أمانة وصدق ، لأنني اشعر بسعادة عارمة الأن وانا جالس معكِ و بين اوراقكِ هكذا .. بالتأكيد اصبح

عقلك مُنهك لما قرأتي وبحثتي وقارنتي بين الأديان الثلاث ، جاء دورك سارافينا عليكِ الأن أن تسأليني

 وانا اجاوب . تفضلي . اسألي .

 

محمد .. انا .. انا .. اشعر بالجوع هيا بنا نذهب إلي مط .

 

تقصدين مطعم زفت لوريتا .. هيا بنا .. هيا بنا .. وانا مطعمي راح فين !!..

 

***

 

مطعم لوريتا

 

هل طلبت يوما من زوجتك كارول أن تترك المسيحيه وتعتنق الدين الإسلامي مثلك .

أو هي طلبت منك أن تترك الدين الإسلامي وإعتناق المسيحيه ؟.

 

لا .. لم نطلب من بعض نهائي أن نفعل ذلك ..

حمداً لله علاقتنا قائمه فقط علي التفاهم والحب والمودة والرحمة والإحترام المُتبادل  ، دين زوجتي كارول

ارسله الله من السماء ، وديني الإسلامي ايضاً ارسله الله من السماء وأخبرني عن الإنجيل والتوراة .. نحن

جميعنا نؤمن بالله الغيب الواحد الأحد سُبحانه وتعالي ... نحن جميعنا يا سارفينا نؤمن بغيب .. نؤمن بغيب

والغيب هو قمة الإيمان بالله خالق الكون .. نحن لا نعبد الشمس المرئية لنا والمحسوسه ، ولا نعبد البقرة

ولا النار ولا الشيطان .. نعبد غيب فقط .. يا ريت نأكل البيتزا ونكمل حديثنا رجاء ..

 

لاء محمد من فضلك انتظر انتظر لا تأكل . عندي ألف سؤال وسؤال ارجوك ..

 

انتي مش كنتي جعانه من شويه يا مجنونه يا بنت المجانين هاتجننيني معاكي ليه !!.

 

***

سيارتي

 

هل ذهبت مع كارول إلي الكنيسه من قبل ؟.

 

نعم ذهبت كثيراً إلي الكنيسه مع كارول لكي أقوم بواجب العزاء أو الزفاف ، تلك هي المشاركات الإنسانيه

الخالصه النابعه من القلب يا سارافينا ، إختلافنا الديني لا ينفي أو يُجردنا من إنسانيتنا ، والتفاهم والحُب هو

أساس الحياة بيننا وإستمرارها .. فزوجتي مثلاً رغم أنها مسيحية كاثوليكية ، منذُ سنواتنا الأولي من الزواج

أكشفت إنها في بعض الأحيان تقوم بالصيام معي في شهر رمضان الكريم ، ولا تضع لقمة وحدة في فمها

طوال اليوم ، وعند سؤالي لها لماذا ، كانت تقول أريد مشاركتك في كل شيء لكي أشعر بما أنت تشعر به

 

لكنني كنتُ أقول لها ، لكِ كل الحق أن تُشاركيني في كل شيء وانا أيضا اشارككِ في كل شيء ، لكن أنا

أفعل هذا من أجل الله فقط  وانتي تفعلينه من أجلي  ، كنتُ أشعر بالذنب الشديد و حينها حاولت منعها مراراً

وتكراراً ، لكنها يوماً ما أخرستني بردها  لكي تريحني وقالت ... انا أفعل هذا من أجل الله ليس من اجلك  

وما وصلني من جوابها . إنها لا تريدني أن أشعر بذرة وحدة من تأنيب الضمير أو الذنب تجاه ديني وربي .

 

وانا ايضاً اشاركها دائماً أعيادها المُقدسة و أقوم بشراء أغلي شجرة كريسماس في كل عام واضع زينتها

بيدي واقوم بتعليق الأضواء الكثيرة والمتنوعه علي البيت من الخارج لكي نشعر بالبهجة ونحتفل بهذا اليوم

سوياً . المُشاركة هي أعظم إحساس فالوجود لمن يختلفون في الأديان و يتفقون في الإنسانيه.

 

وانا .. انا يا محمد .. هل انا شيطانه ؟..

 

لا يا سارافينا .. لا .. ليس ذنبكِ يا عزيزتي .. بكل أمانه وصدق ظروفكِ القاسية جعلتني اراكِ

أقوي و أعظم إنسانه فالوجود . أنتي أعظم إنسانه فالوجود ..

 

اركن السيارة هنا ارجوك . اركن . اريد شراء الورود من هذا المتجر  بليز بليز .

 

الله يخربيتك هو انا علشان بشكر فيكي عايزه تشتري  ورد  وهاتفرحي ..

 

محمد  هممم   قلت لك انجليزي فقط ... أها تذكرت

عند زيارتي لبيتكم .. رأيت سلسلة من الماس ترتديها زوجتك كارول علي عنقها وبها صورة

لفتاة شابة جميله .. لكنني في كل مره انسي أن اسألك عن سر تلك الصوره و من هي تلك الفتاة ..

 


أنها صورة  خطيبتي .. أميرة .

 

ماذا قلت .. خطيبتك !... خطيبتك !.  

 

نعم ... خطيبتي .. إنها قصة طويله . قصتي يا سارافينا .. قصة مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة من معني

 لولا موتها وفراقها وغيابها عني . ما كنا تقابلنا . وما كان لي أي أثر ووجود هنا في بلدك ... كندا .

 

" فلاش باك "

 

قريباً .. أميرة

 

*** 

ألبرتا

 

لا . لا اريد إرسال الكاميرا .. اسألي بدون كاميرا فأنا مستلقي علي الفراش و مُتعب ..

 

محمد .. هل من الممكن أن يؤمن شخص واحد بالثلاثة أديان .. أنا حقاً مُشتته مُشتته عقلي سينفجر

انا ابكي كل يوم وانا أنظر إلي السماء واطلب من الله أن يدلني .. وانت كما أنت رأسك متحجر ساعدني

أرجوك ساعدني أتوسل إليك  ساعدني أن أجد الله لا تخف . أتوسل إليك .

 

سارافينا تعبت حقاً أنا تعبت لا تطلبي مني الحُب ولا تطلبي مني مساعدة دينيه انا لا اريد أن اعرف

أي دين من الأديان ستختاري عندما تنوي  .. انتي تضعينني في إختبار صعب صعب و انا لا أريد أن أبتعد

عنك ولا أريد أن اخسرك بسبب تعنتك وعنادك معي ، انتي صديقتي الحقيقية و المقربة لي وانتي تعلمي ذلك

لا أريد أن  أشعر بالذنب تجاه الله أو تجاهك أرجوكي أرجوكي إفهميني أرجوكي .

 

إذاً محمد .. انا لن أبحث في الدين الإسلامي بعد اليوم  و سأتركه .. ويبقي لي الإنجيل والتوراة  فقط

إذهب إلي الجحيم محمد إذهب إلي الجحيم .

 

ها ها ها ... أنتظري  .

 

لماذا تضحك .. لا تعصبني  لا تعصبني محمد .

 

سارافينا .. أنا مضطر وفي أمس الحاجه أن أعطيكي مثال .. فليسامحني الله ويغفر لي إن أخطأت

ولله المثل الأعلي . إن قلت لكِ إختاري ديني .. ديني الإسلامي .. ستُحبين الله .. كما تُحبيني ؟.

فأنا أعلم جيداً  إنك تعشقيني بجنون . بل أكثر من الجنون بكثير

وكما سمعت منكِ الأن تقولي لي إذهب إلي الحجيم لأنني أغضبتك كما تظنين وتتوهمين

ماذا ستفعلي مع الله ويسمع منكِ الله عند اول مُصيبه تُصيبكِ  وانتي تنظرين إلي الأعلى و إلي السماء

وتتحدثين وتشكين همكِ وألمكِ ووجعكِ إليه .. جاوبيني ... إنفعالكِ وتسرعكِ ورأيكِ المُتغير بإستمرار

 هو أصل و أساس خوفي منكِ .. سارافينا عزيزتي انتي بخير !! .. انا اسمعكِ تبكي .. سأرسل لكِ الكاميرا

 

انا أسفه .. لك كل الحق أن تلومني وتلوم مرضي .. انت دائماً صائب وعلي حق . أعذرني محمد

فأنا مازلت طفلة صغيره أريد أن أفهم واتعلم .. و تعلمت منكَ الكثير . انت تصفعني دائماً بكلماتك

علي وجهي لكي أفيق و أفهم  لأنني أشعر بها في التو واللحظة بداخل عقلي واستوعبها انا استوعبها  

حقاً استوعبها اسفه .

 

امسحي دموعكِ سارافينا . وانتظريني . بعد عودتي سنذهب إلي مطعم لوريتا للفطائر والبيتزا

ونتحدث سوياً حتي الصباح ..

 

لا محمد .. لا .. لا أريد الذهاب إلي لوريتا ... سنذهب إلي مطعمك . مطعم  فيوري .

 

مطعم فيوري !! .. مجنونه ومالكيش رأي ثابت .. وهو ده اللي انا قصدي عليه من الصبح

 

محمد  انت في كندا إنجليزي فقط  .. ترجم من فضلك .

 

سنذهب . سنذهب يا سارافينا يا صديقتي الغاليه العزيزه . سنذهب إلي مطعم فيوري .

 

*** 

كندا

صيف - 2012

سيارة  چيوڨاني انداروس .. خطيب سارافينا

 

كانت المقابلة الأولي لي معه .. كُنا في طريقنا إلي المطار  للذهاب لرحلة جويه بطائرته الصغيره

كانت تجلس بجواره سارافينا .. وكنتُ انا جالساً بالمقعد الخلفي مع صديقتنا نورين .. نتبادل الحديث

 

فأنا مُنذ سنه تقريباً وأثناء نقاش حاد دار بيني وبين سارافينا كعادتنا .. طلبتُ منها أن تبحث عن الحُب بنفسها

لا تنتظره أن يأتيها ...  لكنني إرتكبت اكبر غلطة  فالتاريخ  ..

 

***

 

المطار .. المدرج

 

كانت تذداد سرعة الطائرة حتي بدأت ترتفع تدرجيا عن المدرج .. فنظرت لي سارافينا مُبتسمة

وقالت .. محمد .. الله ... الله هو من يُساعدنا ليرفع بنا الطائرة ... فإبتسم چيوڨاني ونظر إليها

وقال مُتعجباً .. الله !! ... ليس الله من يفعل ذلك ... إنه المُحرك وانا من أتحكم لكي أرفع الطائرة

لا يوجد شيء اسمه الله  لا تشغلي رأسكِ كثيراً بتلك التفاهات ، هذا ما اتفقنا عليه يا حبيبتي ..

 

ودون أن اتحدث معه كثيراً علمت في لحظتها ماضيه ومُستقبله .. ومُستقبلها معه .. وندمت أشد الندم .

 

***

مطعمي .. ليلاً

 

اتركي چيوڨاني ... اتركيه

 

ماذا قلت !! .. اترك چيوڨاني .. إنه أصبح روحي وعمري و حياتي ... الحُب الذي أفتقده يا محمد الحُب

فهو من إنتشلني من الوحدة والروتين القاتل والكاَبه والملل والحزن والبكاء ليل نهار . هو قلبي حبيبي

وكارول .. كارول زوجتك وحبيبتك .. كيف سمحت لنفسك أن تنطقها وتقولها لي وبتلك السهولة هكذا !.

وانا لم أقل لك يوماً واحداً  اتركها .. انطق محمد . انطق .. انا لم أقل لك اترك زوجتك كارول .

 

ارجوكي ... ارجوكي اتركيه

 

اسمع محمد كفي كذب ونفاق والخنجر الملعون انتهي الأمر بيني وبينك .. انا اختارت چيوڨاني

وتركت البحث في الأديان لأنها كذبه  الأديان كذبه يا محمد  وانت أول من أقنعتني بشده إنها كذبه

لأنك لم تساعدني أو وقفت معي وتركتني اتألم مثل إلهك الذي تركني أتعذب مُنذ أن كنتُ صغيره .

 

سارافينا ... بحبك

 

هاهاها . اخيراً  أتيت لي وانت تتوسل وأري الدموع تسكن عينك .. هل شعرت بطعم الذُل الأن إنه مُر مُر

إنه مُر يا محمد طعمه مُر ، كنتُ انتظر تلك اللحظة مُنذ زمنٍ طويل حتي أراك وانت أمامي هكذا . مهزوم

مكسور ضعيف .. الرجل الذي لا يُقهر اصبح في قبضة يدي .. انا أعلم جيداً أن دموعك هي من اجل الله

من اجل الله لأنني لستُ حبيبتك ولن أكون ليوما واحداً حبيبتك .. فأنت المؤمن وانا عدوتك . عدوتك اللدودة

المُلحِدة الكافرة المريضه المنبوذه و المكروهة من جميع الأديان . انت ضعيف لأنكَ خائف أن أعتنق دينكَ

وأرتد عنه لأنني مريضه خائف يا محمد خائف و انا أقوي منك  انا أقوي منك .

 

اختاري دين من الأديان .. أي دين .. اتركي چيوڨاني

 

أسمع انتهي الأمر 

 

اختاري الإنجيل

 

اسكت محمد اسكت انتهي الأمر

 

اختاري التوراة

 

قلت اسكت محمد اسكت اسكت

 

اتركي چيوڨاني و اختاريني انا ... اختاري  الإسلام

 

سكتت ..

ظلت ناظرة إلي عيني مدة طويلة من الزمن يتخللها السكون والهدوء القاتل .

 

نهضت واقفة .. تركتني ورحلت بخطوات هادئه .. أبتعدت . تلاشت . تبخرت فالهواء حتي أختفت تماماً

تركتني وحيداً . صامتاً  خاسراً مهزوم .. وكأن المبني الضخم الكبير الذي بنيته بيدي سنين قد تهدم تحطم

مُخلفاً عفرة من الغبار الكثيف كالضباب أمام عيني . لكي لا أري ولا أستوعب ولا أفهم ما حدث للتو

كنتُ ما بين القيام و اللحاق بها لضمها إلي صدري .. وما بين أن اظل جالساً في مكاني صامتاً لا اتحرك

صراعاً بداخلي يعتصرني يُمزقني يقتلني . علي ديني .. و علي زوجتي .. وعليها .. وعلي نفسي المهزومة

كانت تلك هي المرة الأخيرة لي . أن أراها وأري وجهها سارافينا

بحثتُ عنها سنوات وسنوات لا فائدة  . لم أجد لها وجود . لم أجد لها أثر  ..

 

***

تيم هورتنز .. كافيه .

 

قولي لي أين هي .. ساعديني يا ديانا أن أجدها ارجوكي ..

 

اسمع ..

انت تعيش هنا في كندا .. بلد الحُرية بلد الإنفتاح .. بلد تفتح ذراعيها و ترحب  بمن له دين

ومن ليس له دين .. هذا هو خطأك الذي أرتكبته في حق من يعيشون هنا في سعادة  وحُب وسلام

كندا ليست بلدك . ليست بلدك التي اتيت إلينا منها بأفكاركَ ودينكَ ومعتقداتكَ العتيقة و الخبيثة

الحاقدة و الكارهة للغير . كندا ليست بلدك لأنكَ لم تحترم قوانينها و تلتزم بها .. انا لستُ غبيه محمد

وأفهم .. أفهم جيداً  .. انت من قمت مُنذ البداية بإهدائها الصورتين الكبيرتين صورة عيسي وأسماء الله

لكي تقوم هي بوضعهم علي الحائط لتراهم عينيها لليل نهار حتي لا تنسي محمد صديقها وافكاره الخبيثة

الملعونه . انت صديقها الملعون الذي أخذ منها كل ما تبقي بداخلها من سعادة .. مسكينة سارافينا مسكينة

 

قولي لي أين هي .. أين أجدها ساعديني .. سيارتها عليها الغطاء مُنذ ثلاثة  اشهر كما هي مركونة أمام بيتها

 وملابسها كما هي وكل شيء كما هو بداخل البيت . نحن قمنا بفتح باب البيت انا وچيوڨاني ونورين

وسيمون لم نجد لها أي أثر ... هي تختبيً عندك ؟ .. كفي الاعيبك بيني وبينها كفي يا ديانا كفي  .

 

مم .. چيوڨاني .. ملعونه هي الأخرى لم تُخبرني عنه ولم تدعوني لحفل خطوبتها وانا اقرب الأصدقاء

أقل لكَ شيء ... اذهب و ابحث عنها فالغابات .. علي ما يبدوا أنها تركت الحياة إلي الأبد .. لأن نهايتها

و نهايتي هي الإنتحار . الإنتحار . قولنا لك نحن لا نعاني من الباي بولار فقط يا محمد . الباي بولار أمره

سهل كأي مرض . لكن ما حدث لنا في طفولتنا هو أقسي شيء مر علينا  ومررنا به  جعلنا نتحرك بينكم  

أموات .. ليس ذنبا ... لا تلومنا رجاء ... ..  اقف من فضلك . اقترب لي محمد ..  أعطيني حضنك ..

 سامحني . سامحني يا صديقي الغالي .. فأنا لا أستطيع ألتحكم في إنفعالاتي .

 

اهدائي .. لا تقلقي ديانا عزيزتي لا تبكي . انا أتفهم ..أتفهم . كل شيء سيصبح علي ما يرام

كل شيء سيصبح علي ما يرام .  اهدائي لا تبكي .

 

***

بعد مرور ستة أعوام

مطعم  لوريتا

 

نورين المشكلة هي . إنني أكره مواقع التواصل الإجتماعي بشدة . ولم اضع صورة وحدة لي أو لزوجتي

أو أقوم بكتابة أي شيء يخص حياتي الشخصيه نهائي . حياتي الشخصية هي خط أحمر وانتي تعلمي  

ذلك .

 

نعم انا اعلم .. هي كانت تقوم بتقليدك في كل شيء .. لأنني بالفعل لاحظت مُنذ بداية صداقتكم . أن سارافينا

قامت بمسح كامل صورها من الفيس بوك والمواقع الأخرى ، وايضاً قامت بمسح كل ما يخص حياتها

الشخصية .. واستغربت حينها لأن سارافينا كانت تعرض صورها يومياً وبإستمرار . وكانت تُعبر بالكتابة

عن مزاجها السيء أو السعيد  وتكتب كل ما يؤلمها أو يُسعدها .... لكن اطمئن محمد اطمئن يا صديقي ..

 انا لا أتوقف يوماً وحداً عن البحث عنها  في الإنترنت و جميع مواقع التواصل الإجتماعي ..

 

أشكرك نورين أشكرك .. صورة طائرتكِ جميلة مبروك صديقتي .. قولتي لي متي موعد الإستلام

 

موعد الإستلام بعد ثلاثة أشهر .. كما وعدتني ستبدأ التدريب قريباً لإحضار رخصتك لنطير سوياً .

 

سيد محمد .. اسفه علي مقاطعتكم ..

 صديقتك أتت هنا المطعم الأسبوع الماضي ، كانت تحمل معها شنطة سفر صغيرة سوداء اللون

و جلست علي نفس الطاولة و قامت بطلب طبقها المُفضل  ، كانت تنظر لي كثيراً و إلي كل ركن

فالمطعم وهي مُبتسمة سعيدة . وبعد الإنتهاء نادت لي وأعطتني تب خسمون دولار . لكن للأسف الشديد

 تذكرت ملامحها بعد أن رحلت .. انا متأكدة مئة بالمئة إنها هي . هي صديقتك التي تبحث عنها ..

 


***

 

بعد مرور سبعة أعوام

رمضان - 2019

 

ألو ...

 

افتقدك .... كثيراً .

 

 من معي ... من انتي ؟ ..

 

من انا ..!!

 

انا من تركت كندا بأكملها لمحمد . وكارول .  وسيمون . وچيوڨاني . مُنذ لقائنا الأخير

انا من هويت القهوة السوداء ومذاقها المُر و الحلو معاً  و معك

انا اللون الأسود الذي اِرتديَ الأسود ليري باقية الألوان بعيونك

انا من كانت عدوة الصداقة والخير وطيبة الإنسان

انا من كانت عدوة  نفسها  وأفكارها ناكرة الرب ناكرة الأديان

انا من تركت الإلحاد والكُفر إلي الأبد سحقته بعقلي وقلبي فتته تفتيت

وأمنت بخالق السماوات والأرض وما بينهما .. خالق الأكوان

 

انا سارا.. سارا يا محمد .. لم ابتعد عنكَ كثيراً يا صديقي ثلاث ساعات فقط بيني وبينك بالطائرة

انا اتحدث معكَ من نيويورك .. رمضان كريم  يا عزيزي افتقدك افتقدك كثيراً محمد . انا مازلت وحيدة

أعيش وحيده  وامتلك مطعم مشهور بنيويورك . و المنيو هو نفسه منيو مطعم  فيوري و لوريتا معاً  

 لا تقل لي الله يكربيتك بليز انا أصبحت افهمها جيداً .. افتقد حياتنا البسيطه ومدينتا الجميله بنوڨا سكوشا

افتقد جنوني و بكائي وضحكاتي معك  افتقد زوجتك حبيبة قلبك كارول  افتقد ديانا عزيزتي الغالية المسكينه

 

انا أتيت لزيارة بيتك العام الماضي لكي أراك وأخبركَ بأمر هام . لكنني رأيتك تصعد إلي سيارتك الجديدة

أنت وزوجتك وغادرت السيارة المكان . فتراجعت أن أفصح لك عن الأمر . تجولت في المدينة سيراً علي

الأقدام لبضعة ساعات ، ثم عدتُ إلي نيويورك بنفس الليلة .

 يوما ما  سأعود و نتقابل مرة اخري سأعود لتري عينك صديقتك سارا .. الإنسانة الجديده

انا لا اتحمل الكتمان أكثر من ذلك محمد ، حان الوقت لكي أعترف لك و اخبرك بديني الذي أعتنقه

  مُنذ  سنوات و سنوات وانا لوحدي و بدونكَ .. والله شاهد ويراني  ... هل أنت مُستعد لتسمع .

 

انتظري  ..

 

لا تُخبريني    ...    لا أريد أن أعرف ..


رجاء الضغط علي العلامة الخضراء لمشاهدة الفيديو الخاص بنهاية الفصل الثاني و القصه

مع وضع سماعات الاَذن لتجربة صوتية رائعة .

MP4

 

من يظن بالله خيراً لم يخيب الله ظنه .  كل عام وأنتم بخير رمضان كريم 

محمد فيوري ..


الفيديو المعروض : بمدينة مونتريال الكنديه

غناء المطربه : مي عبد العزيز

الباي بولر : هو اضطراب ثنائي القطب .

اضطراب نفسي يسبّب نوبات من الاكتئاب ونوبات من الابتهاج غير الطبيعي .


اَدب
أبريل 18, 2021
0

تعليقات

Search