ريموندا والثلاث كلمات الملعونات 2

 



" ريموندا والثلاث كلمات الملعونات 2 "


للكاتب : محمد فيوري 

تصنيف : أدب رعب

الجزء : 2 

اللغة : فصحي - عاميه مصريه 

السن : + 18 

الأجزاء : 3 + 

تاريخ النشر : 15-2-2017



" نحن نهتم أن تتخيل ما تقرأ "



فتحت عيني بهدوء و أنا خائف أرتجف .. لأجد نفسي بوسط بيتي من الداخل وسط العفرة الكثيفة كالضباب

و الركام المتساقط في كل مكان امامي

 

 حتى بدا لي .. أن أسمع صوتاً كصوت رامي حبيب آتياً من بعيد يقول

 

 يا جماعة العفرة إللي نزلت من السقف زيادة عن اللزوم ... ممكن نعيد تاني ؟..

 

ظهرت لي فجأة بوجهها القبيح آتية من بين العفرة ، كانت يدها تسبقها لتُمسك عنقي تخنقني بشدّة ، و تغرز

جميع أظافرها الزرقاء الداكنة داخل لحمي دون رحمة ، كنت أعافر و أنا أصارع الموت دون أي فائدة مني

لشدة قوتها .

 

سمعت بودانك رامي إبتدي تصوير الفيلم وانت لِسَّه ما أرسلتش الإيميل !.

 

أتوسل إليك أنقذني أنقذني إياك ترسل الإيميل أو باقي الروايه إياك .

 

لازم ترسل الإيميل .

 

إياك أتوسل إليك ساعدني أنقذني ..

 

أنا بقولك أرسل الأيميل .

 

 كانت تترجاني أن أرسل الإيميل و فالوقت نفسه تترجاني ألا أرسله ، كأنها أصبحت إثنان يمتلكان جسداً

واحد ! واحدة ترخي قبضت يدها و تترك عنقي و تبتعد ، فكنت أرى ملامح ريموندا الجميلة و هي مرتديةً

الأبيض . والأخرى تخنقني بشدة و هي تنزف الدماء . ملامحها قبيحة مرتديةً الأسود . لكن أنفاسي بدت

تتباطأ و تتباطأ  وتتباطأ .. لتغمض عيني و أتوقف عن التنفس تماماً ..


***

 

شعرت بأنني تركت الدنيا و فارقت الحياة ، كانت تمر كل أحداث حياتي في خيالي سريعاً منذ صغري حتى

اللحظة لتخرج روحي من جسدي ، و أرى جسدي من الأعلى مستلقياً وسط "الريسبشن" .. يدي اليمنى

ملفوفة بالشاش وعنقي ينزف الدماء ، وحيداً لا أحد معي أو حولي ، لتترك روحي بسرعة مهولة المكان

وتصعد عالياً  في السماء وتهبط مرة أخري بريف " ميون " البريطاني .

 

و على ضوء القمر أجد نفسي مستلقياً على ظهري وحيداً وسط أرض كبيرة ليس لها نهاية خاوية ، نظرت

للسماء و أنا أفتح عيني ببطء  فرأيت السحب الكثيفة الداكنة تتحرك و تغطي ضوء القمر ، و بدأ صوت

الرعد يضرب بقوة و يضيء البرق الأرض من حولي لتتساقط الأمطار بشدة على وجهي . حاولت أن

أنهض أو أتحرك لكن دون فائدة  جسدي ثابتٌ متيبس لا يتحرك .

 

 فتناهى إلى سمعي صدى صوت لصراخ فتاة يأتيني من بعيد ، حاولت وحاولت و تحاملت على نفسي حتى

اصبحت في وضع الجلوس بصعوبة بالغة ، التفت بنظري إلى إتجاه صوت الصراخ ، فوجدت أن الصوت

يأتي من داخل بيتٍ عتيقٍ جداً ، مكون من دورين يبتعد عني عدة أمتار ، كنت أرى أضواءً خافتة لشموع

كان الهواء يجعلها ترتعش خلف زجاج النوافذ من الداخل ، مازال صراخ الفتاة المستمر يأتيني متموجاً من

شدة الرياح دون توقف تطلب المساعده ، كان صوتها مبحوحاً و كأنها تصرخ مُنذ عدة أيام طوال .. حتي

سمعت صوتاً آخر لفتاة أخرى تصرخ  كانت قادمة و هي تجري نحوي  وأتت و جلست بجواري تلهث بشدة 

وهي تنظر خلفها بفزعٍ وخوف .. ..  فوجئت بأنها ريموندا !.

 

لكنها لم ترني ، فأتى إليها ثلاثة رجال يمتطون الخيل . نزل واحداً منهم و أمسك شعرها بقبضة يده

 وسحبها لتقف أمامه . تظهر الإبتسامة على وجهه و هو ينفث دخان السيجار بفمه . ثم أخرج مسدس

من خلف البنطال و وضع مقدمته فوق رأسها وهي تبكي و تصرخ متوسلة إليه و تترجاه ألا يفعل .

 أطلق عدة طلقات على رأسها لتسقط و تفارق الحياة في الحال .

 

 فتحت عيني لأرى وجه سيانا أمامي و هي تبكي و تصرخ تحاول إفاقتي . واضعةً كميةً كبيره من الماء

على وجهي ، و مكعبات الثلج على عنقي و يدها ملطخةٌ بالدماء ..

 

 أنا اتصلت بيك مليون مره وجيت وشوفت عربيتك مركونه بره .. حسيت إن فيه حاجه حصلتلك

 كسرت الباب ودخلت لقيتك غرقان في دمك . إياك تتحرك أنا طلبت الأسعاف جايين حالا ..

 

***

 

 أخذتني الإسعاف إلى المستشفى و كانت سيانا معي تلازمني ، قام الأطباء بعلاجي بسرعة ، و بعد مدة من

الوقت أتى طبيب إلى الغرفه و قال ..

 

 إحنا عملنا تحاليل دم لحضرتك ووجدنا كمية كبيره من الكحول والمخدر بدمك ، وممكن يكون ده السبب

إللي خلاك تحاول إنك تنتحر و الموضوع أكيد هيكون فيه نيابه وتحقيق لأنه يعتبر شروع في قتل ..

 

كحول ومخدر إيه يا دكتور !! .

 أنا مش بتعطي الحاجات دي . إزاي نتيجة التحاليل كده  أكيد التحاليل دي غلط ..

 

أنا عرفت إن حضرتك كاتب وسيناريست . يعني عايز تقولي إنك هتكتب وهتألف من غير الحاجات دي .

معلش إعذرني . أنا ورايا حاله تانيه لازم أطمن عليها .. بعد إذنك ..

 

خرج الطبيب من الغرفة ، و نظرت لي سيانا و هي تهز رأسها تعجباً و تبتسم إبتسامة خفيفة بسخرية .

 

كحول ولا مخدرات  المهم إنك بخير .. أنا هاسيبك ترتاح وهرجع أزورك كمان شويه ..

آه صحيح ..  روچينا كلمتني وقالتلي إنهم إبتدوا التصوير في ريف  " ميون "

زي ما أنت طلبت منهم وكانوا يتمنوا إنك تكون معاهم .. وقالتلي كمان إن " نائل "

 هيكمل الجزء التاني من الروايه وهيكتبها هو بنفسه ..

 

سيانا إياكِي تسمعي كلام الدكتور لو قالك حاجه عليا ، أنا مابتعطاش وأنتي عارفه ، وما حولتش أنتحر زي

ما هو بيقول ، إنتي شوفتي بعينك إللي حاصل فالبيت عندي والحيطان ساقطه وده كمان بسبب إيه بسببي !!.

أنا بصراحه عايز أكلمك في موضوع مهم مافيش حد غيرك أقدر أحكيله وعايزك تفهمي و تعرفي كل حاجه

 

أنت ماتحكيش حاجه غير إنك تريح نفسك دلوقتي .. ولما أجيلك إبقي إحكيلي إللي أنت عايزه

وبعدين الحيطان ساقطه بسبب الزلزال الشديد إللي حصل امبارح أفتحلك التليفزيون علشان تشوف مصر

حصل فيها إيه ..

 

إياك تفكر إنك تأذي نفسك تاني ، حرام عليك أنت كده هاتموت كافر ودي مش المره الأولی ..

بصراحه مش عارفه ليه حاسه إني قلبي مقبوض و قلقانه عليك قوي و إنك هاتوحشني

 أرجوك أرجوك حافظ علی  روحك  ونفسك ..

 

خرجت سيانا من الغرفة واضعةً يدها على فمها و هي تبكي و أغلقت الباب وراءها و تركتني وحيد

 إنتابني الضيق الشديد و شعرت باختناق و ملل ، فنهضت و توجهت إلى باب الغرفة لكي أترك المستشفى

وأذهب إلى بيتي ، منعني من الخروج حارس يقف على الباب ، عُدت إلى الداخل مجبراً فأغلق الحارس

الباب خلفي و أنا أتوعد له من شدة غيظي .. نظرت أمامي لأجد ريموندا جالسة على السرير واضعةً قدم

على قدم وهي تبتسم ..

 

عايز تحكي لسيانا وتعرفها كل حاجه بسهوله كده .. طيب لو هاتعرف تقرأ الفاتحة أقرأها واترحم على

روحها خلاص مافيش سيانا تاني ... كل شويه هاخليك تخسر حد عزيز على قلبك ، هو موت أي حد بعيد

عن التلات كلمات مش هايفيدني ، لكن أنا هفضل أعذبك لحد ما تستسلم وترضى بالأمر الواقع وترسل

الأيميل بإيدك وبرضاك لأصحابك إللي موتهم هايفيدني .. مافيش حد هيكمل الراوية غيرك انت ، أنتظر

كمان عشر دقائق خبر هيوصلك عن " نائل " ..  و مبروك عليك سُمعة الإدمان ..

 إختفت ريموندا من أمامي ، فأخرجت هاتفي من جيبي و دموعي تنهمر بشدة ، إتصلت بسيانا لكنها لم

تجيبني ، عاودت الإتصال بها مراتٍ عديدة لكن دون فائدة .. لم تجب ، جلست صامتاً وأنا أشعر بالحزن

والقهر و عقلي متوقف تماماً عن التفكير ، لكنني تذكرت ما رأيته حينما كنتُ غائب عن الوعي في بيتي ..

 

نعم بالفعل ما رأيته هو ريف " ميون " و نعم هي بالفعل ريموندا ، و قد قاموا بقتلها !. هذا يعني أن ريموندا

ميتة !. هل من الممكن أن تَكُون روحها هي التي تأتيني و تريد الإنتقام مني ، لكن أنا ما ذنبي !. ما ذنبي .

 و من .. من هي تلك الفتاة الأخرى التي كانت تصرخ بشدة من داخل البيت ؟.

 هههه لا لا .. أنا على ما يبدو مجنون ومريض و مُدمن ، و حاولت الإنتحار مراتٍ عديدة كما قالت سيانا  

أتمنی أن تكون هَذِه حقيقتي .. فأنا لا أريد إيذاء أي أحد منهم بسببي

 جميعهم بخير .. نعم بخير .

 

 نهضت و توجهت إلى ثلاجة توجد بركن الغرفة ، وأحضرت بعضاً من العصير و وضعته بكأس ، فإهتز

الهاتف معلناً قدوم رسالة ، نظرت إلى الرسالة .. " نائل في المستشفى ما بين الحياه و الموت " ..

 

 تملكني الغيظ الشديد و قمت بقذف الكأس من يدي فأصاب زجاج نافذة الغرفة ليتطاير بكل الأرجاء و أنا

أصرخ بشده : لييييه لييييه .. دخل الحارس سريعاً محاولاً مسك يدي ليضعها خلف ظهري ، فلكمته في وجه

وجريت حتى أصبحت خارج المستشفى .

 

 عبرت طريق مزدحم و أنا واضعاً يدي على أذني لا أطيق سماع اْبواق السيارات المزعجة و لا النظر

لأضوائها  حاولت الإتصال بسيانا مراتٍ عديدةٍ دون فائدة .. لم تجب ، فذهبت ماشياً حتى وصلت إلى بيتها  

عبرت البوابة الحديدية لحديقة البيت و لم أجد سيارتها مركونة أمامي ، و بيتها مُظلم من الداخل و الخارج

 

تذكرت أنها تركت سيارتها بجوار سيارتي بحديقة بيتي ، حينما ذهبت معي بسيارة الإسعاف إلى المستشفي

 لكنني جلست أمام باب بيتها أنتظرها لتأتي حتى مرت ساعات و ساعات .. لكنها لم تأتِ ، فقررت الذهاب

إلى بيتي . عندما وصلت وجدت سيارتي فقط مركونة بالحديقة  يبدو أن سيانا أخذت سيارتها و ذهبت

لكنني مازلت أشعر بعدم الاطمئنان و القلق عليها .

 

صعدت السلالم و فتحت باب البيت و دخلت و أغلقته خلفي ، لكن بدأ خبطٌ شديدٌ على الباب . فتحت الباب

فوجدت أعداداً غفيرة من رجال الشرطة أمامي ، اقتحم بعضهم البيت و دخلوا ، و البعض الآخر وضعوا

يدي خلف ظهري وسحبوني معهم .. وصلت إلى قسم الشرطة و أدخلوني إلى غرفة التحقيق ، جلست أمام

وكيل نيابة و كان ينظر لي  وكأنه ينتظرني مُنذ مدة طويلة .. وقف صامتاً يفكر ، ثم أشعل سيجاره و تحرك

ليقترب مني و أنحنى و هو ينظر  إلي وجهي ..

 

 أنت عارف أكيد . أنت عملت إيه ؟ ..

 

 أيوه عارف .. عارف إن أنا مُدمن وحولت أنتحر مليون مره ، وإللي جابني هنا علشان حاولت اموت نفسي

والموضوع شروع في قتل وهربت من المستشفي .. لكن الموضوع بصراحه مايستحقش البهدلة دي كلها

 

 هههه ..أنت كمان مُدمن وحاولت تنتحر .... أنت متهم بقتل سيانا عامر المنشاوي .. و كاميرات المراقبه

إللي فالشارع صورتك وأنت داخل بيتها وبعد ما خلصت جريمتك ، فيه شهود شافوك وانت خارج مُرتبك

وبتقفل الباب وراك . غير السكينه إللي قدامك دي عليها بصماتك ولسه الدم مانشفش وجابوها من بيتك

 

 أنا كنت منتظرك و أنا معاك للصبح .. وأظن بعد المعلومات دي كلها إللي وصلتني عنك مش هاتقدر تنكر

إنك قتلتها .. بصراحه ومن الأخر أنا مش عايز أتعبك معايا ولا عايزك تتعبني معاك .. هممم .. جاوب ..

أنت إللي قتلتها ؟؟ ..

 

أيوه أنا إللي قتلتها ..

 

خدوه على حبس إنفرادي دلوقتي وانا هكمل معاه بكره الصبح ، فتحوا عينكم كويس عليه ده خطر على

نفسه وحاول ينتحر مش عايز أي آله حاده أو أي حاجه فغرفة الحبس عايزها فاضيه ..

 دخلت غرفة فارغة من كل شيء لا يوجد بها إلا البلاط ، ذهبت بهدوء إلى ركن و جلست على الأرض

وأنا أبتسم سخرية علي ما أتى لي وحل بي ... في تلك اللحظة و تلك الأوقات العصيبة التي مررت بها

ومازلت أمر بها ، فكرت بالفعل أن أنتحر و أخلص من هذا العذاب و الظلم و القهر ، نعم كنت أعيش وحيداً

أدرس و أعمل و عايش سعيد ، لكنني لا أتحمل فراق أي أحد من أصدقائي ، فهم بالنسبة لي إخوة و أحباب

و أكثر من أصدقاء  فهم كل شيء بالنسبة لي .

 

أنت فاكر نفسك لما تعترف بجريمة أنت مارتكبتهاش ويحبسوك هنا يبقي هربت مني ومن لعنتي .. كل إللي

أنا بفكر فيه إني أعذبك وبس ، لكن شكلك مبسوط ومرتاح إنك هنا مسجون بين أربع حيطان ..

 

طلعيني من هنا و أنا هرسل الرواية بنفسي وبأيدي .. أوعدك ..

 

 إختفت ريموندا من أمامي و دخل حارس في الحال و سحبني من ذراعي فنهضت و ذهبت معه ، دخلت

غرفة التحقيق و جلست ، جاء وكيل النيابة و جلس أمامي و كانت تظهر على ملامحه نظرات الأسف

 

أنا بعتذر لحضرتك جداً ، حصل لَبْس في موضوع قتل سيانا ، وأنا عرفت إنها من أعز أصدقائك البقاء لله

أنت دلوقتي حر ومافيش أي شبه جنائية عليك اتفضل امشي علشان تلحق العزاء وانا بعتذرلك مره تانيه .

 

تركت قسم الشرطة و ذهبت إلى بيتي ، صعدت إلى غرفة مكتبي و فتحت جهاز الكمبيوتر ، تصفحت مئات

الصور التي كانت تجمعني بسيانا مُنذ سنوات طوال و إستسلمت لبكاءٍ شديد ، غيرت ملابسي و أخذت

سيارتي و ذهبت إلى بيتها لكي أقوم بواجب العزاء ، وصلت إلى حديقة بيتها و أنا أنظر حولي بإندهاش !.

لا أصدق ما تراه عيني ، أضواء ليزر ، موسيقي صاخبة ، سيارات كثيرة متراصة متصافة ، شباب فتيات

بكل مكان ..

 

 نظرت إلى مرآة سيارتي الخارجية وجدت سيانا قادمة و هي تبتسم

 فتحت لي الباب وسحبتني من يدي إلي خارج السياره .. ثم نظرت لي وقالت

أنا حالفه ما أطفي الشمع إلا لما تكون أنت موجود .. الساعة حداشر يا أستاذ . وبعدين إيديك فاضيه ليه !.

 فين هديتي ؟ ..


دمتم بخير : محمد فيوري


ادب رعب
سبتمبر 01, 2020
0

تعليقات

Search