ريموندا والثلاث كلمات الملعونات 1


" ريموندا والثلاث كلمات الملعونات 1 "


للكاتب : محمد فيوري 

تصنيف : أدب رعب

الجزء : 1 

اللغة : فصحي - عاميه مصريه 

السن : + 18 

الأجزاء : 3 + 

تاريخ النشر : 15-2-2017



" نحن نهتم أن تتخيل ما تقرأ "



هذه القصة حيرتني ، هذه القصة أذهلتني ، و هذه ذوبتني ، أما هذه أخافتني و أرعبتني ..

 هكذا نحن و دائماً عندما نحكم بآرائنا على القصص و الروايات و الحواديت بكل سهولة وبتلك

العبارات السابقة .  لكن قصتي فأنا لا أعرف لها عبارات أو مسمى أو أي شيءٍ من هذا القبيل

 فهي أخذتني و قلمي لأعماق أعماقها وعند قيامي بتدوينها على جهاز الكمبيوتر

كُسر الماوس و تفتت .. و لا أعلم .. هل كُسر من بدايتها .. ..  أم نهايتها !! ..

 

***

 

تبدأ الحكاية مُنذ عدة أعوام مضت ، أثناء دراستي بقسم الدراما و النقد المسرحي بأكاديمية الفنون المصرية

فأنا شخص يعشق و يتلذذ و يذوب بكتابة القصص و الروايات ، و تأليف القصائد و كلمات الأغاني

وبحكم دراستي و عملي أيضاً بالمعهد العالي للسينما ، كان يُطلب مني كتابة السيناريو و الحوار لبعض

مشاريع التخرج لقسم التمثيل بالمعهد .


 حينها كنت أنا و مجموعة من الأصدقاء لي و عددهم عشرون  اختيروا ليمثلوا معهد السينما بمصر لعمل

فيلم قصير يتم تصويره ببريطانيا و يعرض أيضاً بأكبر معهد تمثيل بها ، و نؤهَّل إذا نجح الفيلم بمنح جائزة

كبرى تمثل مصر ..

 

تقابلنا جميعاً بالمعهد ممثلين و مخرج لنتناقش في فكرة الفيلم التي سأقوم بتأليفها ، تركت كل شخص يتحدث

عن فكرته و سمعت الجميع ، و أخيراً اخترت فكرة  " روچينا "  و هي صديقة من ضمن المجموعة ، كانت

فكرتها أن نقوم بعمل فيلم رعب ، كانت فكرة جديدة نوعاً ما بالنسبة لي و فرصة لعدم توافر تكنيك

و تكنولوجي تصوير أفلام الرعب بمصر .


 تم تحديد موعد السفر بعد ثلاثة أشهر من المقابلة و ورشة العمل ، فأعطيت الجميع خبر بأنني سأبدأ

بالكتابة فوراً لتوزيع الشخصيات ، و عمل بروفات أول بأول لكل جزء ينتهي من الرواية و قبل موعد السفر

 و بالفعل انتهيت من تأليف نصف الرواية سريعاً لأنها مخصَّصة لعمل فيلم قصير ، و تم الاتفاق بكتابة

وتأليف النصف الآخر بعد السفر إلى بريطانيا لانشغالي المستمر بكتابة و تأليف أعمال أخرى بالمعهد .

إزداد انشغالي و ضغط العمل بالأكاديمية و معهد التمثيل ، فقررت إلغاء سفري مع المجموعة ، و مرت

الأيام و الأسابيع  و لم يسألني أحد من المجموعة عن النصف الآخر من الرواية .. و في ذات ليلة اتصل 

بي مخرج العمل  رامي  و قال :

 

موعد إقلاع الطائرة الساعة الخامسة صباحاً بعد ستة ساعات من الآن ، سنتقابل جميعاً بالمطار الساعة

الثالثة ، هل ستأتي لتوديعنا و تعطينا النصف الآخر من الرواية أم مازلت مشغولاً كالعادة ؟. إن كنت مشغولاً

سآتي أنا إليك لأخذ السكريبت يا سيدي ..


رامي أنا أسف جداً جداً .. أنا نسيت أكمل الرواية ، أوعدك هنهيها سريعاً و سأقوم بإرسالها لك على الايميل

 

أنهيت مع  رامي  المكالمة و أنا في أشد الاحراج ، و قولت لابد أن أجلس الآن للبدء بكتابة النصف

المتبقي من الرواية بأي شكل من الأشكال ، و كعادتي إنشغلت بكتابات أخرى و نسيت ، كان يرن هاتفي كل

ليلة مئات المرات من بريطانيا ، كنت أنظر إليه و لا أبالي ، كأن شَيْئاً يمنعني من أن أقوم بالرد على الهاتف

أو الإطمئنان على المجموعة أو كتابة و إنهاء تلك الرواية !! و في ذات ليلة رن الهاتف وقمت بالرد و كانت

روچينا  تتحدث معي بعصبية و قالت :

 

إعتمدنا عليك و أنت غرقتنا معاك ، أنت شخص بتحب نفسك وشغلك وبس وشوهت صورتنا وصورة

الأكاديمية . على العموم المجموعة كلها بتشكرك و أحنا هنتصرف ..

 

روچينا أقسم لكِ بالله عشرة ساعات من الآن و يكون السكريبت معاكِ ، الفكرة كاملة والسيناريو والحوار

برأسي محتاج الكتابة فقط وسأرسل السكريبت علی إيميل  رامي  أوعدك ..

 

أغلقت الهاتف مع  روچينا  و نظرت إلى الساعة أمامي ، كانت تُشير إلى السابعة مساء ، أحضرت القهوة

و فتحت جهاز الكمبيوتر و بدأت بكتابة النصف الآخر من الرواية ، أثناء الكتابة نظرت إلى الساعة وجدتها

تشير إلى الثانية صباحاً ، مرَّ الوقت كالثواني ، قولت سأريح عقلي من التفكير لمدة ربع ساعة فقط وسأعاود

الكتابة ..

 

أثناء فترة الراحة كنت ممسكاً بيدي ماوس جهاز الكمبيوتر و سارحاً ، و كنت أقوم بحركة عشوائية ، و

بالضغط على جميع الأيقونات المتواجدة أمامي على شاشة الجهاز ، قمت بالضغط بالخطأ على برنامج

محادثة و فتحت نافذاته أمامي ، فنظرت إلى أسماء المتواجدين في تلك الساعة على برنامج المحادثة ، لفت

نظري أسم غريب وهو  .. " الحب الثالث عشر "

فأرسلت رسالة لصاحب أو صاحبة الأسم كدعابة مني لكسر الملل ، و قولت :

 

ليه الحب الثالث عشر ، عن نفسي لم أرَ أحداً وقع في الحب أكثر من ثلاثة مرات .. جاء الرد على رسالتي

 

" أنت " ...  نعم .. أنت .. " الحب الثالث عشر "

 

قولت ممكن نتعرف ؟.

 

أنا " ريموندا "


أهلاً ريموندا ، بصراحة إسمك غريب نوعاً ما لكن جميل

 ممكن أعرف معناه ؟

 

هو أسم فتاة إنجليزية و معناه " الحياة الحكيمة "

أرسل المايك من فضلك ..

 

قولت محدثاً بالي .. مش وقتك نهائي يا ريموندا .. لكن شيئاً ما جعلني أقول :

 

أكيد أكيد .. و أرسلت لها المايك .. " أهلاً و سهلاً ريموندا فرصة سعيدة " ردت هي الأخرى

 

" أهلاً بيك " ..

 

لكنني شعرت أن نبرة صوتها حزينة كأنها تبكي و تتألم ، فسألتها ما الأمر !.

 جاء ردها لي و هي تصرخ

 

أنتم جميعكم نسخة واحدة ، جميعكم نسخة واحدة ، عادتكم واحدة ، طبائعكم واحدة

 إنس ولا جن يا ريتكم ما خُلقتم

 إنس ولا جن يا ريتكم ما خُلقتم

 إنس ولا جن ياريتكم ما خُلقتم 

 

آسف ريموندا أنا مش فاهم تقصدي إيه !. 

لكن أنا مشغول جداً جداً لازم أنهي المحدثة معاكي الآن .

 

أنت مشغول بكتابة الرواية الملعونة ، رحب بلعنتها عليك ، ارضي بلعنتها عليك ، رحب بلعنتها عليك 


أخذت تكرر تلك الجُمل مرات عديدة مع إرتفاع نبرة صوتها و حدته و سرعته و فجأة كُسر الماوس في يدي

و إنقطعت الكهرباء و أصبحت غرفة مكتبي في ظلام و هدوء تامين ..

 

***

 

شعرت بقشعريرة تنتاب كل جزء بجسدي و برودة شديدة ، كنت أتتحسس بيدي فوق سطح المكتب و أنا

أرتجف  وجدت هاتفي المحمول ، وعند الضغط عليه لتشغيل ضوئه لكي أرى عادت الكهرباء مرة أخرى

بالغرفة ..

 

نظرت لكف يدي وجدته ينزف بغزارة و تتساقط الدماء منه بشدة على الأرض ، شعرت أن شيئاً غريباً قد

إخترق جسدي بأكمله ، و برودة كالثلج تنتشر بجميع عروقي ، دققت النظر أمامي وجدت الماوس قد تفتت

إلى شظايا صغيرة كأنه انفجر تماماً و أصابت جميع شظاياه كف يدي الأيمن ، ذهبت سريعاً لغسل يدي

بالماء و إخراج قطع البلاستيك الصغيرة من يدي ، و وضعت مطهِّر و قمت بوضع الشاش ، لكن مازال

شعور القشعريرة و البرودة ينتاب كل جزء بجسدي ..

 

عُدت إلى غرفة مكتبي و أشعلت سيجارة و جلست بهدوء و أنا أنظر للدماء المنتشرة بكل مكان أمامي على

أرض الغرفة ، ثم حدثت بالي و سألت نفسي .. ريموندا !! الحب الثالث عشر !!.

 

 كيف عرفت تلك الفتاة أنني أقوم بتأليف و كتابة رواية رعب ! من الممكن أن يكون رامي أو روجينا أو أي

أحد من المجموعة أراد أن يمزح معي . لا .. لا لا أعتقد ، إنهم مشغولون ، لكن ما الذي حدث للماوس و

أصاب يدي هكذا ! أغمضت عيني أخذاً نفساً عميقاً ثم قمت بتشغيل جهاز الكمبيوتر مرة أخرى ، و حمداً لله

سطراً واحداً فقط تم حذفه من الرواية لعدم حفظي له قبل انقطاع الكهرباء .. أكملت السكريبت بالكامل في

تمام الثامنة صباحاً

 

وقمت بإرساله على الإيميل الخاص بـ  رامي  و عند تسجيل الخروج من الإيميل الخاص بي

 رأيت نافذة المحادثة فُتحت تلقائياً ، فنظرت و وجدت رسالة منها ..

 

" هذا رقمي في انتظار مكالمتك ريموندا " ..


نظرت إلى رقمها بإستغراب و تعجب و المكون من " 666666 " أغلقت الكمبيوتر و نهضت و توجهت

إلى غرفة نومي ، و قمت بالقفز بوجهي فوق السرير ووضعت وسادة فوق رأسي و ذهبت في نوم عمييق ..

إستيقظت في تمام الثالثة عصراً  نظرت إلى هاتفي لألقي نظرة علي مواعيدي اليومية ، فوجدت عيد ميلاد

صديقتي  سيانا ، ووجدت أيضاً ميعاد صيانة السيارة و تغيير الزيت و مواعيداً أخرى أقل أهمية 


 أخذت سيارتي و توجهت إلي مركز الصيانة ، فرأيت موظف الإستقبال ينظر لي باستغراب و قال :

 

" تم عمل صيانة لسيارتك بالأمس و تغير الزيت يا فندم " ..

 

نظرت له بتعجب ! ثم نظرت لتاريخ الصيانة بهاتفي و وجدته اليوم و ليس بالأمس ، فأنا لا أتذكر نهائياً

أنني أتيت إلى مركز الصيانة بالأمس ، قولت للموظف شكراً ، و ذهبت إلى سيارتي و إنطلقت متوجهاً

لشراء هدية عيد ميلاد  " سيانا "

 

 أثناء القيادة كُنت أنظر إلى منظر غروب الشمس على كورنيش النيل بمنطقة المعادي ، وجدت رجلاً

عجوزاً جالساً أمام عربة لبيع البطاطا الحلوة ، فتوقفت بسيارتي على بعد عدة أمتار و نزلت و توجهت إليه

 

إشتريت منه ، ثم ذهبت بجواره و جلست فوق السور الفاصل ما بين الرصيف و النيل ، و أنا أنظر لغروب

الشمس فهو المشهد و الوقت المفضل لي دائماً ، كنت آكل البطاطا بشراهة لا أعلم لماذا ، وفجأة شعرت بألم

فظيع و شديد بيدي اليمنى ، فنظرت إلى كف يدي المصاب و سرحت و تذكرت الموقف الذي حدث ، و

بأحساسٍ لا شعوري أدخلت يدي في جيبي و قمت بإخراج الهاتف و إتصلت بالرقم ..

 و شيءٌ ما جعلني أقول :

 

لو عندك مشكلة أو محتاجة حد يسمعك أنا تحت أمرك ..

 

بصراحة عندي مشاكل ممكن ترميك ورا الشمس اللي أنت بتتأمل غروبها على الكورنيش ، أتمنى تكون

البطاطا عجبتك ، هنتظرك غداً الساعة عشرة مساء بسكوشا كوفي .. لو محتاج ترجع بيتك سالم أمامك

داقيقتين من الآن  وتكون داخل سيارتك .. أنا حذرتك..

 

أنهت ريموندا المكالمة و لم تعطني فرصة لكي أتحدث معها أو أسألها عن أي شيء ، وضعت الهاتف

بجيبي  ونظرت إلى البطاطا بيدي ثم انتبهت لشيءٍ غريبٍ جداً و تعجبت !. فأنا لا أحب البطاطا و لا أطيق

رائحتها منذ صغري !! تذكرت كل الأحداث التي حدثت لي منذ الأمس حتى اللحظة ، حاولت أن أتمالك

نفسي و أتماسك كعادتي  لكن غلبني خوف شديد لا يُحتمل ، و إنتابتني الحيرة و اذدادت نبضات قلبي و

سرعتها تدريجياً ، ثم سمعت صوتاً راهيباً كأنه شيء ضخم قد سقط من السماء جعل الأرض بأكملها تهتز

من حولي ، إلتفت بنظري إلى الخلف فوجدت سيارة ضخمة محملة بأسياخ الحديد الصلب قد إنقلبت على

جانبها للتو و هي تزحف بسرعة رهيبة بإتجاهي و إتجاه بائع البطاطا . قفزت من أعلى السور سريعاً و

جريت بكل ما أوتيت من قوة و سرعة لأبتعد ، حتى وصلت بالقرب من سيارتي ثم توقفت بجانبها و أنا

واضعٌ يدي على قلبي و ألهث بشدة ، كادت أنفاسي أن تنقطع ، ثم نظرت خلفي بهدوء و إلى مكان الحادث

لأجد بائع البطاطا الرجل العجوز المسكين مستلقياً على الأرض غارقاً في دمائه بين أكوام الحديد ، و قد

فارق الحياة .. حزنت حزناً شديداً و بكيت ..

 

و أنا أفتح باب سيارتي كنت أنظر إلى جثته و أتسائل هل أنا سبب لكل هذا ! من هي ريموندا ! ماذا تريد

مني ! لماذا تفعل معي هكذا ! و ما ذنبه الرجل المسكين ؟! كأنها معي تتحكم بي تلازمني تعرف عني كل

شيء كل شيء . يا الله يا الله كن معي كن معي يا الله ..

 

***

 

وصلت البيت و أنا في حالة ذهول ، صعدت إلى غرفتي بالطابق العلوي و أشعلت سيجارة و إستلقيت على

السرير سارحاً .. لا لا مُستحيل أن أذهب لأراها غداً مُستحيل ، سأعتبر كل ما حدث لي منذ الأمس حتى

الآن كأنه لم يكن  كأنها مشاهد قد قمت بتأليفها و كتابتها بأي قصة أو رواية ، سأنسى كل شيء فأنا مشغول 

أنا مشغول ، ريموندا مجنونة تعاني من شيءٍ ما ، و كل ما حدث لي مجرد صدفة ، نعم صدفة ..

 

سأتصل الآن ( بسيانا ) كي أعتذر لها لأنني أشعر بالإرهاق الشديد و تفكيري مُنهك ، أمسكت بالهاتف

وإتصلت  وإعتذرت لعدم حضوري حفل عيد ميلادها ، أنهيت معها المكالمة و وضعت هاتفي بجواري

و ذهبت في نوم عميق ..

 

 حلمت بكابوس مرعب مخيف ، صرخات لنساء و رجال يعذَّبون بشدة ، كانت تأتي صرخاتهم من تحت

الأرض  ومن أسفل شجرة ضخمة بجوار بيتي ، و كنت واقفاً أمامها ليلاً و لا يوجد أحدٌ غيري ، ثم أتت لي

فتاة صغيرة شعرها أسود كثيف و طويل يغطي جسدها بالكامل ، كانت لها عيناً واحدة تغمض و هي تنظر

لي من خلف الشعر  قالت لي و هي تشير بيدها باتجاه الشجرة :

 

" هذه الشجرة هي بابك الوحيد " ثم اقتربت مني و وضعت بيدي المصابة ورقة و قالت

و هذا هو رقمك ، عليك أن تختاره أو تختار الموت إختفت الفتاة من أمامي و تبخرت كالدخان ، نظرت إلى

الورقة فرأيت رقم " 13 "

 

إستيقظت مفزوعاً ، جلست على السرير و أنا أستعيذ بِاللَّه ، أمسكت بهاتفي و نظرت إلى السَّاعَة فكانت

العاشرة  والنصف صباحاً و اليوم هو الجمعة ، قولت أحضِّر نفسي للإستحمام و الوضوء لصلاة الجمعة

ليحميني الله من أي مكروه ، أثناء قيامي من السرير رن هاتفي في يدي نظرت إليه

 

 " 666666 " يتصل بك .. ..

 

قررت عدم الرد  وقمت بقذف الهاتف من يدي على السرير و بدأت أتوجه خارج غرفتي ، فوجدت

"اسبيكر" الهاتف قد فُتح من تلقاء نفسه ..

 

مش هينفع تصلي الجمعة علشان أنت هاتشوفني بالليل ..

 

إنتِي عايزه إيه مني و إزاي فتحتِي الإسبيكر !. حطي في بالك أنا مش هاشوفك وإياكِي تتصلي بيا نهائي 

إياكي ..

 

هي كلمه وحده هاتشوفني يعني هاتشوفني ، ممنوع إنك تصلي  ممنوع إنك تقرأ قرأن ... أنا حذرتك ..

 

جلست عليی السرير و أنا أنظر للهاتف بذهول تام ، ثم إستلقيت بجسدي ووضعت يدي فوق رأسي و بكيت

و إنتابني الخوف الشديد ، أنا خائف .. أنا خائف ، خائف يصيبني مكروه خائف أن أقرأ قرآن ، خائف أن

أذهب للصلاة لأنني خائف من الموت .. نعم خائف من الموت ، لا أريد أن أقراء القرآن لا لا .. لا صلاة لا

قرآن ، سأنفِّذ ما طلبته مني لكني لا أريد أن أراها أو أرى وجهها  ريموندا لا أريد أن أراها ..

 

 أغلقت هاتفي تماماً و قررت أن أبقى داخل بيتي تلك الليلة و لن أخرج منه مهما حدث ، إتصلت بالمطعم

وأحضرت طعامي وجلست أشُاهد التلفاز ، و نظرت في بعض الأوراق و أنهيت بعضاً من المشاهد للشغل

المطلوب مني ، كنت أكتب على ورق لأنني لا أريد الذهاب إلى غرفة مكتبي و إلى جهاز الكمبيوتر منذ

الليلة ألملعونة ، حاولت أن يمضي الوقت بأي شكل من الأشكال ، نظرت إلى ساعة الحائط أمامي فكانت

تشير إلى التاسعه مساءً .... لكن

 

إنتابني فجأة شعور غريبٌ جميلٌ ، شعورٌ بالسعادة لم يوصف ! سأطير من شدة الفرح .. أنا بحب ريموندا

أنا بحب ريموندا .. بدأت أردد تلك الجملة و أنا أبتسم و أضحك بصوت عالي من شدة سعادتي ، فتحت

هاتفي المُغلق مُنذ الصباح  فوجدت رسالة مكتوبة من ريموندا تقول

 

" وأنا كمان بحبك " نظرت إلى كلمات الرسالة و كأنها حروف مكتوبة من الذهب و الألماس مع رائحة

عطورٍ أخَّاذة تفوح من الهاتف ...

 

صعدت سريعاً إلى غرفتي و اخترت أشيك ملابس و أفخم "برفيوم" ، و في دقائق معدودات كنت داخل

سيارتي متوجهاً لشراء أغلى و أجمل باقة ورد لريموندا ..

 

وصلت سكوشا كوفي في تمام العاشرة إلا ثلاثة عشر دقائق تماماً ، كنت أنظر إلى كل طاولة بالداخل أريد

أن أرى وجهها ، فهي أصبحت الآن كل حياتي ، إخترت طاولة بجانب نافذة كبيرة من الزجاج ، جلست

ووضعت بوكيه الورد أمامي و طلبت قهوة في إنتظار الفاتنة ريموندا ، أحضر الجرسون القهوة لي و أنا لا

أطيق الإنتظار ، أريد أن أراها .. كنت أتصفح هاتفي ثم أنظر إلى النافذة بحيرة شديدة ، و ما بين الهاتف

و النافذة رأيتها فجأة جالسةً أمامي تشم الورد و تنظر لي و هي تبتسم ، أسنانها أبيض من الثلج ، عيونها

زرق صافيين ، شعرها طويل كالحرير  بشرتها بيضاء صافية ، ملامحها رقيقة و جمالها فتان يأخذ عقول

جميع الرجال .. كنت سارحاً بخيالي و أنا أنظر إليها متأملاً جمالها ، ثم قالت من تلقاء نفسها :

 

طالما أنا حلوة زي ما أنت متخيل كده يبقي توعديني إنك تسمع كلامي علشان ديماً أكون جميله في نظرك

 

 بدون أي شعور مني قولت :

 

أنا مايهمنيش إللي بيحصل منك ، أنا تحت أمرك وعمري كله ليكي عايزه تموتيني موتيني مش هاقول لاء

 

ضحكت هي بصوت مرتفع و قالت :

 

ماتستعجلش على إللي أنت بتقوله ده .. علشان ده ممكن يحصل فعلاً و في أي وقت أنا عايزاه ..

 

كنت أسمع تهديدها لي كأنه أجمل كلام أسمعه في حياتي .. نظرت بجانبي و إلى النافذة الزجاجية ، فوجدت

مجموعة صغيرة من الفراشات قد تجمعن و التصقن خلف الزجاج من الخارج ، كانت أحجامهن ما بين

الصغيره و المتوسطة و الكبيرة ، فنظرت ريموندا إليهن ثم لي و قالت ..

 

 عددهم 12 جاؤوا ليرحبوا بك ..

 ثم وضعت إصبعها على الزجاج و طارت الفراشات و تبخرت في الهواء ، حينها شعرت بأن تأثيرها عليَّ

اختفي وتلاشي تماماً و عدت إلى طبيعتي ، لكني مازلت سارحاً بجمالها الفتان ..

 

علشان ماتسألش نفسك كتير ، أنا مين و ليه لخبطت حياتك في يوم وليلة و شقلبتلك كيانك لخوف و رعب

و قلق ..

 

أولاً أنا مش مصريه و لا عربية .. أنا إنجليزية من ريف بريطاني ، وإللي أنا وصلتله من عوالم تحت

الأرض خلاني أنطق جميع لغات العالم وأعمل إللي نفسي فيه قبل ما أشاور بصباعي ، لكن أنا محتاجه نفوذ

أكتر وأكتر وأكتر ..

 

أنا خليتك تيجي النهارده علشان أنا أنقذتك من الموت ، وأشكرك في نفس الوقت على حاجه أنت عملتها

ممكن تفرحك لما تعرفها أو تغضبك ... أنت هتكون تاني مخلوق في الوجود و بعدي يعرف السر ده ..

 

أنا مش فاهم حاجه .. وإيه إللي هايفرحني أو يغضبني ، يعني إنتِي من الآخر جنيَّة و جيالي من بريطانيا مثلاً !! .

 

أنا مش جنيَّة ، أنا إنسانة زي أي حد و زيك تماماً ... أنا الإنسانة الوحيدة إللي عامله عهد معاهم لطلاسم من

تلات كلمات بيتنطقوا ..

 

يعني إيه إنسانه زي أي حد وبتعمل إللي إنتِي بتعمليه ده يُعقل إزاي ، وعامله عهد مع مين !. ويعني إيه

طلاسم  وتلات كلمات ؟ ..

 

يا سيناريست يا مؤلف يا عظيم وأنت سهران بتألف روايتك المرعبة ، كنت محتار تكتب كلمتين يتكلموا عن

السحر و تحضير الجن والشياطين ومش عارف تكتبهم ، وعلشان تنهي روايتك بسرعة فتحت كتاب قديم

عندك فالبيت بيتكلم عن السحر الأسود و الجن والشياطين و إخترت منه كلمه ، و بعدين فتحت الإنترنت

وبصيت علي كتابين للسحر الأسود وإخترت من كل كتاب كلمه ، وكتبت التلات كلمات جنب بعض في

روايتك علشان الحبكة وطابع التشويق والرعب ... حصل ولا ماحصلش ؟ ..

 

أيوه فعلاً حصل .. لكن أنا مش فاهم إيه علاقة التلات كلمات دول بيكي وانتي بتقولي إنك إنسانه مش من

الجن ولا الشياطين ..

 

هاهاها ..

أي مخلوق من الإنس ينطق التلات كلمات دول بالترتيب بيموت فالحال ، وأنا بوصل لدرجه أعلى و أكبر

ونفوذ أكتر وخدام أكتر على حساب أي حد ينطقهم ، وهي دي طلاسم عهدي بالسحر الأسود مع الشياطين

والجان .. أظن إن جه الوقت المناسب إللي أقولك فيه عن الحاجه إللي ممكن تفرحك يمكن تفهم شويه .

أولاً أنا أنقذتك من الهلاك و الموت المؤكد ، وبشكرك لأن بفضلك وفضل روايتك هاتخلي أصحابك ينطقوا

من نفسهم التلات كلمات لما يقرؤوا سكريبت الرواية ، و ماتزعلش لأن روايتك مافيش حد غيرهم هيقرأها

ولا هيعرفها ولا هاتتمثل من الأساس ..

 

كلماتها نزلت على مسامعي كالصاعقة ، و تمالكني الخوف الشديد و القلق على كل فردٍ من أفراد المجموعة

وتذكرت لحظة إرسالي سكريبت الرواية على إيميل " رامي "

 

إنتي تقصدي إن أصحابي كلهم هايموتوا بسبب التلات كلمات دول .. لا لا أنتِي واحده مجنونه إستحالة ،

إستحالة إن ده يحصل ..

 

قبلك إللي ماتوا في العالم كله عددهم 12 قالوها نطقوها { طيا } { چين } { سو } و رقم 13 كان من نصيبك

أنت  لكن أنا خليت خدامي يرحموك و يعتاؤك من الموت علشان ترسل الإيميل ، و التلات كلمات دول

انا ماليش حكم عليهم هُما إللي ليهم حكم عليا ، لازم كل إنسان ينطقهم من نفسه من غير ما أنا أتدخل

 

اقتربت بوجهها إلى وجهي تماماً ، فتغير لون عينيها إلى الأبيض ، و تبدلت نبرة صوتها إلى صوتٍ مبحوحٍ

كفحيح الثعابين ..


 شظايا الماوس إللي دخلت كف إيدك و بتجري في دمك و عروقك ده أنا . أنا إللي بجري في دمك مستحوذة

عليك  وأعرف عنك كل كبيرة وصغيرة ، حسك عينك تحذر أصحابك ، حسك عينك تصلي أو تقرأ قرآن

حسك عينك تقرأ أي كتاب سماوي وأنت بنفسك إللي هتختار ما بين لعنتي .. .. ... أو الموت .

 

مستحيل أخليكي تقربي لأي حد من صحابي ، هامنعك مش هاتقدري لأني هقرأ قرآن وهاصلي غصبن عنك 

سمعاني ؟. هقرأ قرآن و هاصلي ..

 

الجرسون : " يا أستاذ .. يا أستاذ هو حضرتك بتكلم مين ! "

 

ها !! كان .. كان في وحدة قعدة معايا هنا صح ..

 

أيوه يا فندم كان في وحده قعده مع حضرتك ، لكن هي أخدت بوكيه الورد ومشيت من حوالي ساعه ونص .

 

***

 

 عدت إلى بيتي في تمام السابعة صباحاً ، و لا أعلم كيف مر الوقت أو أين ذهبت بعد خروجي من سكوشا

كوفي  لكنني كنت أشعر بسعادة عارمه ، ذهبت إلى الحمام للإستحمام و أنا بكامل ملابسي ، فتحت الماء

الساخن فقط على آخره ، و كنت أنتظر ليصل إلى أعلى درجاته و القريبة من الغليان ، حتى أصبحت لا

أرى شيئاً أمامي من شدة البخار المتصاعد ، و الذي بدأ يخرج من باب الحمام ، و عندما بدأت أخطو لأدخل

تحت الماء ، رن هاتفي في جيبي  فنظرت حولي و أنا في أشد الإستغراب و شعرت باختناقٍ شديدٍ  فتوجهت

سريعاً خارج الحمام أنظر للهاتف .. قالت ( سيانا ) بعصبية :

 

أنت فين من امبارح ومش بترد ليه على التليفون  أنا قلبت عليك الدنيا .. المهم كويس إنك رديت علشان أأكد

عليك وعارفه إنك بتنسي ومشغول .. العزاء بكره بعد المغرب .

 

عزاء !! عزاء مين ؟؟

 

عزاء رامي ... أنا فكراك أول واحد عارف ..

 

رامي مات !! . رامي حبيب مات .. أكيد هي السبب أكيد هي السبب ..

 

رامي حبيب إيه إللي مات ، رامي حامد مهندس الديكور هو إللي مات 

 أنت بتقول إيه ! هي مين السبب

ألو .. ألو ..

 

قمت بقذف الهاتف بعيداً من يدي ، وصعدت إلى الطابق العلوي في ثواني و إلى غرفة مكتبي ، فتحت جهاز

الكمبيوتر و إيميلي ألخاص و بحثت في جميع الإيميلات التي أرسلتها في آخر ثلاثة أيام ، فوجدت أنني

أرسلت الإيميل و السكريبت بالخطأ إلى رامي حامد مهندس الديكور صديقي ، و ليس رامي حبيب المخرج

الذي سافر بريطانيا ..

 

جلست و أنا مندهش و لا أعلم ماذا أقول ، هل أفرح أم أحزن ، هل أشكر الله أم أستغفره ، لكن حمداً لله

على كل شيء قدر الله و ما شاء فعل ، قرأت له الفاتحة و ترحمت عليه .. كنت أقرأ الفاتحة بصعوبة تامة

مر من الوقت عشرة دقائق أو أكثر لإتمامها ، أخذت سيارتي و في أقل من نصف ساعه  رغم بعد المسافة

كنت أمام بيت " رامي حامد " مهندس الديكور ..

 

فتح لي الباب أخيه ، و قمت بواجب العزاء و تحدثت مع كل فردٍ من أفراد العائلة ، قالوا لي سبب وفاته

طبيعية داخل غرفته و هو يتصفح الكمبيوتر ، فطلبت من أخيه أن أذهب إلى غرفة رامي لأمرٍ هام .

أخذني من يدي و دخلنا الغرفة سوياً ، فرأيت جهاز اللابتوب الخاص بالمرحوم حملته فوراً في يدي ،

وسألته عن أي جهاز آخر يوجد بالمنزل ، فقال لي نعم يوجد جهازين آخرين ، فقولت له أن يحضرهم و

يحضر الهاتف الخاص برامي فوراً ، تعجب من طلباتي ، لكنه خرج من الغرفة ليحضر لي جميع الأجهزة 

قمت بإشعال سيجارة آخذاً نفساً عميقاً و أنا مغمض عيني ، ثم نظرت أمامي فرأيتها واقفة أمامي

 وجهاً لوجه  وهي مرتدية الأسود و شابوه أحمر فوق رأسها ..

 

سيب اللابتوب و اخرج فوراً من البيت ده ، علشان ماتحصلش صحبك ... روح بيتك و أرسل الأيميل ..

 

دخل الغرفة علينا أخو رامي و نظر لريموندا بإندهاش و إستغراب و هو يتساءل في باله من هي ! و كيف

دخلت الغرفه !. .. فقالت له بحزن و هي تنظر إلى الأرض 


 " كلنا هانموت "

 

ثم ذهبت بخطوات هادئة خارج الغرفة .. مددت يدي و أغلقت الباب وراءها سريعاً ، و أمسكت بجميع

الأجهزة  والهاتف الخاص برامي و وضعتهم على أرض الغرفة و قمت بتحطيمهم بأقدامي بكل ما أوتيت

من قوةٍ و عزم ، خوفاً مني أن يكون المرحوم أثناء قراءته الروايه قد قام بتحميلها علي أي جهاز ..

 

بعد ذلك إنطلقت بسيارتي وسط المدينة المزدحمة ، كنت شارد التفكير سارحاً أتساءل ، هل كل هذا واقعٌ

حقيقي أنا أعيشه بالفعل ؟ هل يوجد جن أو شياطين أو سِحر أسود أو طلاسم أو لعنة ؟ هل كنت مخطئ عند

إختياري كتابة تلك الرواية ؟ هل ريموندا حقيقة أم خيال أم ماذا ؟! لا أعلم . لا أعلم !! سكوتي لن يفيد بشيء

ولابد أن أحكي أو أتحدث مع أحد فوراً .. وحالاً .. اتصلت " بسيانا " و طلبت منها أن نذهب إلى الغداء

سوياً بأحد المطاعم ، و لأنني أريد التحدث معها في أمرٍ هام . بالفعل أتت سيانا و جلسنا بأحد المطاعم

و طلبنا الغداء ، كنت أتناول الغداء بهدوء و لا أتحدث ، كنت صامتاً تماماً ..

 فنظرت لي سيانا و قالت ..

 

أخبار مراتك أيه ، دي وحشاني جداً ..

 

مراتي .. مراتي مين !.

 

  إيه في إيه مالك . إستغربت كده ليه .. مراتك ريموندا طبعاً .

 

مراتي ريموندا .. أنا متجوز ريموندا. أنا .!! ..

 

هههه .. هُما التلات شهور جواز يعملوا فيك كده ويخلوك تنسى مراتك بالسرعه دي

المهم قولي في إيه مضايقك أوعي تكون زعلتها أو في مشاكل معاها

 إنتوا لِسَّه متجوزين و مايصحش ..

 

سيانا مافيش وقت أضيعه معاكي دلوقتي أنا هسألك وتردي عليا من غير كلام كتير ، كفايا إللي أنا فيه 

ممكن تكون دي أخر مرة تشوفيني فيها ، أنا متجوز فعلاً ريموندا ؟..

 معاكي صور أو أي حاجه تثبت كلامك ده ..

 

أيوه معايا طبعاً صور فرحكم على الموبايل و كل المجموعة كانت حضرة فرحك ..

 هو في إيه ؟ .. وليه بتقول إن دي آخر مرة ممكن أشوفك فيها ... مالك إنطق..

 

قمت بخطف هاتفها من أمامها سريعاً ، و تصفحت جميع الصور بالهاتف ..

 و بالفعل وجدت صور زفافنا أنا وريموندا بحضور جميع الأصدقاء

 ودون أن أنطق بأي كلمة ، تركت سيانا وحدها بالمطعم و توجهت إلى بيتي في الحال .

 

***

 

 دخلت البيت كالمجنون و أنا أنظر إلى جميع حوائط البيت ، أريد أن أري صورة واحدة تجمعنا سوياً

لكن لا يوجد  لا يوجد  لا يوجد !!.

 

كنت أنده عليها بأعلى صوت ، صعدت إلى الطابق العلوي و أنا أفتش بجنون في جميع الدواليب و الغرف 

أريد أن أري ثوباً نسائياً واحداً في بيتي لأنني أعيش وحيداً مُنذ 

سنوات و سنوات و سنوات لا أحدٍ معي ..

 

عدت بهدوء إلى الطابق الأرضي ، و جلست على الأرض وسط " الريسبشن" صامتٌ تماماً دون أن تطرف

لي عين حاولت أن أقرأ قرآن و لكن كالعادة شيئاً قوياً يمنعني ، يجعل لساني لا يتحرك عند التفكير بتلاوة  

أي سورة أو دعاء أو ذكر اسم الله .. و فجأة شعرت بأحدٍ يضمني بلطف من الخلف و يضع قبلة بهدوء على

رأسي ..

 

الدنيا كلها عارفه إني مراتك .. مش هينفع .. مش هينفع تبعد عني أو تهرب أو حتى تموّت نفسك ، أنا إللي

بتحكم فيك و فكل شيء حواليك . بخليك سعيد . بخليك حزين . بخليك خايف مفزوع و قلقان . و قولتلك

تسمع كلامي  وماتخلنيش أغضب منك أو عليك علشان أكون جميلة في نظرك ديماً . لأنك ماشوفتش

حقيقتي و لا شوفت الرعب بعينك لحد دلوقتي ، و قولتلك التلات كلمات دول أنا ماليش حكم عليهم هُما إللي

ليهم حكم عليا ، وخيّرتك ما بين لعنتي أو الموت وصبري معاك نفد ، لازم ترسل الإيميل لأصحابك في

الحال بأيدك و برضاك ، و أوعدك .. أوعدك هاسيبك في حالك حر تعيش حياتك . و ماتزعلش لما تسمع

كل ساعة والتانية خبر وفاة حد منهم ، إعتبرها شكّة دبوس و مرحلة صعبه هاتعدي في حياتك ..

 دلوقتي أمامك الإختيار الأخير و بإيدك القرار .. يا أصحابك .. يا أنت ..

 

قامت بوضع يدها في يدي و سحبتني بهدوء لنصعد السلالم و إلى غرفة مكتبي لكي أقوم بإرسال النصف

الآخر من الرواية أمامها و أمام عينيها ، فقررت أن أرسل الإيميل خوفاً على حياتي منها ، حينها كنت أفكر

في نفسي فقط  تذكرت ما قالته " روچينا عني و لي 

 

 " أنت شخص بتحب نفسك وشغلك و بس " ..

 

كنت أري السعادة في عيني ريموندا و أنا أبحث عن الملف الخاص بالرواية .. و وجدته .. و قبل الضغط

على كلمة إرسال نظرت إلى وجهها وقتاً طويلاً يتخلله الصمت و الحذر ، قمت بركلها بقدمي بشدة فسقطت

على الأرض ..

 

 جريت خارج الغرفة بكل ما أوتيت من سرعة ، كانت تنهار السلالم تحت أقدامي أثناء نزولي السريع

و كنتُ أقفز فوقها بحذرٍ و خوفٍ شديدين ، كانت جدران البيت بأكمله تهتز و تنهار وتتساقط الأحجار فوق

رأسي حجارة تلو الأخرى ، مخلفةً أمامي عفرة كثيفة كالضباب ، حتى وصلت إلى حديقة البيت بالخارج

و أنا أبحث عن سيارتي كالمجنون .. لم أجدها ، مازلت أجري بسرعة دون توقف متجهاً إلى الشارع وأنا

ألهث دون النظر خلفي ...

 

 و فجأة توقفت تماماً .. ..  و جلستُ على الأرض وانا مستسلماً وسط الشارع المظلم

متوسلاً إليها أن ترحمني لأنها ظهرت فجأة أمامي وبجانب تلك الشجرة التي رأيتها بالحلم ، كانت تنزف

دماءً من وجهها بشدة ، كأنها أصيبت بعدة طلقات في رأسها للتو  كنت أري أماكن الإصابة للطلقات

المُخترقة فروة الرأس وسط عظام جمجمتها المُتهتكة ، كانت بشرتها زرقاء كالجثة التي مر على وفاتها عدة

أيام ..


 سحبتني من ذراعي و أنا أرتجف رعباً لا أطيق النظر إليها ، و عندما نهضت واقفاً على قدمي

بصعوبة بالغة ، ركلتني بشدة في بطني بإتجاه الشجرة ، فإخترق جسدي بالكامل الشجرة و أصبحت بداخلها  

لأري عالماً آخر بعيداً كل البعد عن عالم الإنس و البشر .. و لتسمع أذناي صرخاتٍ لنساءٍ و رجالٍ يعذبون

بشدة  و يطلبون العفو و الرحمة ، و لا أعلم ممن كانوا يطلبونها !!.

 

كنت واقفا فوق درجة و هي الدرجة السفلى من درجات سلالم متجهة إلى الأسفل ، و معلقة في الهواء دون

عمدان  وأمام تلك الدرجة باب حديدي يملؤه الصدأ مُعلق في الهواء و مُدون عليه رقم " 13 " .. فكانت

تنزل السلالم مُتجهه نحوي ببط ء شديد و هي تتحسس رأسها بيدها و تتألم و تصدر صوتاً كالأنين ، كانت

دماؤها المُسالة فوق السلالم تسبقها لتصل تحت أقدامي تلطخ حذائي ، كنت أنظر إليها و هي تخطو الدرجات

إلى الأسفل لتقترب مني ، و كنت أنظر إلى الباب أمامي ، لا مفر أو مهرب ، و علي أن أدخل الباب أو أن

أسقط في الهواء الذي لا نهاية له ..

 

كانت تقترب و تقترب و تقترب .. أغمضت عيني و فتحت الباب و قفزت بداخله 


 لتختفي جميع الأصوات من حولي . و تتحول إلى صمتٍ و سكونٍ تام .. فتحت عيني بهدوء و أنا خائف أرتجف 

 لأجد نفسي بوسط بيتي من الداخل وسط العفرة الكثيفة كالضباب و الركام المتساقط في كل مكان امامي 

 حتى بدا لي .. أن أسمع صوتاً كصوت رامي حبيب آتياً من بعيد يقول 

 

 يا جماعة العفرة إللي نزلت من السقف زيادة عن اللزوم ... ممكن نعيد تاني ؟..


دمتم بخير : محمد فيوري


للإستماع ومشاهدة فيديو ريموندا أضغط العلامه الخضراء 



ادب رعب
سبتمبر 01, 2020
0

تعليقات

Search